وجود الله

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=223400

 

 

هل لله وجود؟!


راندا شوقى الحمامصى 
الحوار المتمدن-العدد: 3071 – 2010 / 7 / 22 – 22:04 
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني 
 
 

إنّ النّاس قسمان قسم معترف بالألوهيّة وقسم منكر لها ولهذا نود على هذه السطور اثبات وجود الله بدليل من الأدلّة العقليّة.
لو نظرنا إلى جميع الكائنات الموجودة لرأينا أنّ كلّ كائن من الكائنات خلق نتيجة تركيب العناصر المنفردة فمثلاً تركّبت عناصر وأجزاء فرديّة فظهر منها الإنسان وتركّبت عناصر بسيطة وظهرت منها هذه الوردة، وكذلك هذا الحجر ظهر من تركيب الأجزاء الفرديّة.
وخلاصة القول إنّ وجود جميع الكائنات يعود إلى التّركيب وعندما يتحلّل هذا التّركيب، فَهُنا لكم الموت والانعدام. أمّا العناصر البسيطة فهي باقية دون تغيير في حين أنّ المركبات تتلاشى إذًا صار معلومًا ومسلّمًا أنّ تركيب العناصر البسيطة هو سبب الحياة وتحليلها هو الموت والانعدام ولكنّ العناصر البسيطة باقية دون تغيير ذلك لأنّها بسيطة. ولا ينعدم الشّيء البسيط أمّا التّركيب فإنّه ينحلّ انحلالاً وهذا يعني أنّ وجود الكائنات هو من التّركيب وانعدامها من التّحليل. وهذه مسألة علميّة لا عقائديّة وهناك فرق بين المسائل العقائديّة والمسائل العلميّة فالمسائل العقائديّة مسموعات تقليديّة أمّا المسائل العقليّة فإنّها مشفوعة بالبراهين القطعيّة إذ ثبت علميًّا أنّ وجود الكائنات عبارة عن التّركيب وفناءها عبارة عن التّحليل. ويقول المادّيّون إنّه ما دام وجود الكائنات نتيجة للتّركيب وانعدامها نتيجة للتّحليل فما هي الحاجة بعد هذا إلى الخالق الحي القدير لأنّ الكائنات غير المتناهية تتركّب في أشكال غير متناهية وبنتيجة كلّ تركيب يظهر للوجود كائن من الكائنات. أمّا الإلهيّون فيجيبونهم على قولهم بأنّ التّركيب على أقسام ثلاثة إمّا تركيب تصادفي وإمّا تركيب إلزامي وإمّا تركيب إراديّ ولا رابع لها لأنّ التّركيب ينحصر في هذه الأقسام الثّلاثة. فلو نقول إنّ تركيب الكائنات تركيب تصادفي فهذا القول واضح البطلان لأنّه لا يمكن حصول معلول بدون علّة ولا بدّ من وجود علّة فهذا التّركيب التّصادفيّ واضح البطلان وهذا أمر يدركه الجميع. أمّا التّركيب الثّاني وهو الإلزاميّ فيعني أنّ هذا التّركيب هو المقتضى الذّاتيّ لكل كائن وهو اللّزوم الذّاتيّ لهذه العناصر مثال ذلك فالنّار لزومها الذّاتيّ الحرارة والماء لزومه الذّاتيّ الرّطوبة فإن كان تركيب الكائنات هذا لزومًا ذاتيًّا فلن يعقبه انفكاك كما لا تنفكّ الحرارة عن النّار ولا الرّطوبة عن الماء وما دام هذا التّركيب لزومًا ذاتيًّا فليس من الممكن أن يكون له انفكاك. إذن فهذا باطل أيضًا لأنّ تركيب الكائنات لو كان لزومًا ذاتيًّا لما أعقبه تحليل ولهذا فتركيب الكائنات ليس إلزاميًّا. فما بقي؟ بقي التّركيب الإراديّ أي أنّ تركيب الكائنات ووجود الأشياء يكون بإرادة الحيّ القدير. هذا واحد من الأدلّة فيجب أن تمعنوا الفكر فيها.
 
الطبيعيين
 
إنَّ المقصود بالطّبيعيّين هم فئة من الطّبيعيّين ضيّقي النّظر عبدة المحسوسات المقيّدون بالحواس الخمس والّذين عندهم ميزان الإدراك هو ميزان الحسّ فقد اعتبروا المحسوس محتومًا وغير المحسوس معدومًا أو مشبوهًا حتّى إنّهم يعتبرون وجود الألوهيّة أمرًا مشكوكًا فيه بصورة كلّيّة وليس هذا رأي جميع الفلاسفة بصورة عامّة بل المقصود هم قصيرو النّظر من الطّبيعيّين أمّا الفلاسفة الإلهيّون أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو فإنّهم جديرون بالاحترام ويستحقّون أقصى الثّناء لأنّهم قدّموا خدمات فائقة إلى العالم الإنسانيّ وكذلك الفلاسفة الطّبيعيّون المعتدلون الجهابذة ونحن نعتبر العلم والحكمة أساس ترقّي العالم الإنسانيّ ونثني على الفلاسفة ذوي النّظر البعيد.
أمّا القوى العقليّة فهي من خصائص الرّوح كالشّعاع الّذي هو من خصائص الشّمس فأشعّة الشّمس هي في تجدّد مستمرّ ولكنّ نفس الشّمس باقية دون تغيير ، أنّ العقل الإنسانيّ في تزايد وتناقص ولربّما يزول العقل تمامًا ولكنّ الرّوح على حالة واحدة وأنّ ظهور العقل منوط بسلامة الجسم فالجسم السّليم فيه عقل سليم لكنّ الرّوح غير مشروطة بهذا الشّرط فالعقل يدرك ويتصوّر بقوّة الرّوح ولكنّ الرّوح قوّة طليقة والعقل يدرك المعقولات بواسطة المحسوسات لكنّ الرّوح لها انكشافات غير محدودة فالعقل محدود في دائرة والرّوح غير محدودة والعقل له إدراكات بواسطة قوى الحسّ مثل قوّة البصر وقوّة السّمع وقوّة الذّوق وقوّة الشّم وقوّة اللّمس لكنّ الرّوح حرّة طليقة، أنّها تسير في حالتي اليقظة والنّوم ولربّما حلّت في عالم الرّؤيا مسألة من المسائل الغامضة الّتي كانت عند اليقظة مسألة مجهولة ويتعطّل العقل عن الإدراك بتعطّل الحواس الخمس والعقل مفقود تمامًا في حالة الجنين وحالة الطّفولة ولكنّ الرّوح في نهاية القوّة.
والخلاصة إنّ هناك أدلّة كثيرة على بقاء قوّة الرّوح بفقدان العقل. ولكنّ الرّوح لها مراتب ومقامات فهناك روح جماديّة ومن المسلّم به أنّ الجماد له روح وله حياة ولكنّه في حدود عالم الجماد كما اتّضح هذا السّرّ المجهول للطّبيعيّين وهو أنّ جميع الكائنات لها حياة كما قال تعالى في القرآن الكريم “وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ” وكذلك في عالم النّبات هناك قوّة النّمو وقوّة النّمو هي الرّوح وفي عالم الحيوان هناك قوّة الحسّ ولكن عالم الإنسان فيه قوّة محيطة وفي جميع هذه المراتب المذكورة ترى العقل مفقودًا لكنّك ترى ظهور الرّوح وبروزها وأنّ قوى الحسّ لا تدرك الرّوح لكنّ القوّة العاقلة تستدلّ على وجودها وكذلك يستدلّ العقل على وجود حقيقة غير مرئيّة ومحيطة بالكائنات ولها ظهور وبروز في كلّ مرتبة من المراتب لكنّ حقيقتها فوق إدراك العقول. فرتبة الجماد لا تدرك حقيقة النّبات والكمال النّباتيّ وكذلك النّبات لا يستطيع إدراك حقيقة الحيوان. والحيوان لا يستطيع إدراك حقيقة الإنسان الكاشفة الّتي تحيط بسائر الأشياء. والحيوان أسير للطّبيعة ولا يتجاوز عن قوانين الطّبيعة ونواميسها لكن ثمّة قوّة كاشفة في الإنسان محيطة بالطّبيعة تحطّم قوانينها. فمثلاً إنّ جميع الجمادات والنّباتات والحيوانات أسيرة للطّبيعة، وهذه الشّمس على عظمتها أسيرة للطّبيعة إلى درجة لا إرادة لها مطلقًا ولا تستطيع أن تتجاوز عن قوانين الطّبيعة قيد شعرة. وكذلك سائر الكائنات من الجماد والنّبات والحيوان لا يستطيع أيّ واحد منها أن يتجاوز عن قوانين الطّبيعة بل إنّها جميعها أسيرة للطّبيعة ولكنّ الإنسان ولو أنّ جسمه أسير للطّبيعة ولكنّ روحه وعقله طليقان وحاكمان على الطّبيعة. نلاحظ الإنسان مخلوقًا ترابيًّا متحرّكًا ذا روح لكنّ روح الإنسان وعقله يكسران قانون الطّبيعة فيصبح طيرًا ويطير في الهواء أو يشقّ صفحات البحار بكمال السّرعة ويسير في أعماق البحار كالأسماك ويقوم باكتشافات بحرّيّة. وهذا كسر عظيم لقوانين الطّبيعة. وكذلك القوّة الكهربائيّة فهذه القوّة العاتية العاصية الّتي تشقّ الجبل شقًّا قد حبسها الإنسان داخل زجاجة وفي هذا خرق لقانون الطّبيعة. وكذلك أسرار الطّبيعة المكنونة الّتي ينبغي أن تبقى مخفيّة بحكم الطّبيعة قد كشفها الإنسان وجاء بها من حيّز الغيب إلى حيّز الشّهود. وهذا كذلك خرق لقانون الطّبيعة وكذلك خواص الأشياء هي من أسرار الطّبيعة الّتي يكشفها الإنسان، وكذلك الحوادث الماضية الّتي فقدت من عالم الطّبيعة صار يكشفها الإنسان، وكذلك الحوادث المقبلة الّتي صار يكشفها الإنسان عن طريق الاستدلال في حين أنّها لا تزال مفقودة في عالم الطّبيعة، وأنّ المخابرة والمراسلة تنحصر بالمسافات القريبة وفقًا لقانون الطّبيعة ولكنّ الإنسان صار بتلك القوّة المعنويّة الكاشفة لحقائق الأشياء يتخابر من الشّرق إلى الغرب فهذا أيضًا خرق لقانون الطّبيعة، وكذلك الظّلّ شيء زائل وفقًا لقانون الطّبيعة ولكنّ الإنسان صار يثبت هذا الظّلّ في الزّجاج وهذا خرق لقانون الطّبيعة، فإذا أمعنا النّظر نجد أنّ جميع العلوم والفنون والصّناعات والاختراعات والاكتشافات كانت من أسرار الطّبيعة ويجب أن تبقى مستورة وفقًا لقانون الطّبيعة ولكنّ الإنسان بقوّته الكاشفة يخرق قانون الطّبيعة ويأتي بهذه الأسرار المكنونة من حيّز الغيب إلى حيّز الشّهود وهذا خرق لقانون الطّبيعة، وعليه نجد إنّ تلك القوّة المعنويّة غير المرئيّة في الإنسان تأخذ السّيف من يد الطّبيعة وتضرب به هامة الطّبيعة، وإنّ سائر الكائنات على ما هي عليه من العظمة محرومة من هذه الكمالات، وللإنسان قوّة إرادة وشعور ولكنّ الطّبيعة محرومة من ذلك والطّبيعة مجبرة والإنسان مختار والطّبيعة تجهل الحوادث الماضيّة ولكنّ الإنسان عليم بها والطّبيعة تجهل الحوادث المستقبلة ولكنّ الإنسان بقوّته الكاشفة لعالم الطّبيعة يعلم بكلّ شيء. ولو يخطر على بال شخص سؤال بأنّ الإنسان جزء من عالم الطّبيعة وهو جامع لهذه الكمالات الّتي هي صور لعالم الطّبيعة. إذًا فالطّبيعة مالكة لهذه الكمالات لا فاقدة لها فنقول له في الجواب: “إنّ الجزء تابع للكلّ وليس من الممكن أن تكون في الجزء كمالات محروم منها الكلّ والطّبيعة هي عبارة عن الخواص والرّوابط الضّروريّة المنبعثة من حقائق الأشياء، وهذه الحقائق مهما كانت في نهاية الاختلاف ولكنّها على غاية الارتباط، وهذه الحقائق المختلفة تلزمها جهة جامعة لها تربطها جميعها ببعضها فمثلاً أركان الإنسان وأعضاؤه وأجزاؤه وعناصره في نهاية الاختلاف، ولكنّ الجهة الجامعة المعبّر عنها بالرّوح الإنسانيّ تربطها بعضها ببعض جميعًا ليتمّ التّعاون والتّعاضد بينها بصورة منتظمة وتتمّ جميع الأعضاء تحت قوانين منتظمة هي سبب بقاء الوجود لكنّ جسم الإنسان لا علم له بهذه الجهة الجامعة أبدًا في حين أنّه يقوم بإرادتها على إيفاء وظيفته.
أمّا الفلاسفة فهم قسمان، ومنهم سقراط الحكيم الّذي كان يؤمن بالوحدانيّة الإلهيّة وببقاء الرّوح بعد الموت. ولمّا كانت عقيدته تخالف آراء العوام ضيّقي النّظر لذا فقد أشربوه السّمّ. وعندما نَظَرَ جميع الفلاسفة الإلهيّين والعقلاء والعلماء إلى هذه الكائنات الّتي لا نهاية لها لاحظوا أنّ نهاية هذا الكون الأعظم تنتهي إلى عالم الجماد وتنتهي نهاية عالم الجماد إلى عالم النّبات وتنتهي نهاية عالم النّبات إلى عالم الحيوان وتنتهي نهاية عالم الحيوان إلى عالم الإنسان، وأنّ هذا الكون الوسيع الّذي لا نهاية له تنتهي نهايته إلى الإنسان، وهذا الإنسان بعد أيّام المحن والآلام الّتي تتناهى في النّشأة الإنسانيّة يتلاشى ويزول دون أثر أو ثمر. وإذا كان الأمر كذلك فإنّ هذا الكون الّذي لا يتناهى مع جميع كمالاته ينتهي إلى اللّغو والهذيان دون أيّة نتيجة. إذن أيقنوا على أنّ الأمر ليس كذلك ولن ينتهي هذا المصنع على ما هو عليه من العظمة والشّوكة المحيّرة للعقول وعلى ما هو عليه من هذه الكمالات إلى الهذيان. ومن المؤكّد أنّ هناك نشاة أخرى، فكما أنّ عالم النّبات ليس له خبر عن نشاة عالم الإنسان فكذلك نحن لا خبر لنا عن تلك النّشأة الكبرى بعد النّشأة الإنسانيّة، ولكن عدم الاطّلاع ليس بدليل على عدم الوجود، وكما أنّ عالم الجماد لا خبر له تمامًا عن عالم الإنسان ويستحيل عليه إدراكه فإنّ عدم إدراكه ليس بدليل على عدم الوجود. وهناك دلائل قاطعة متعدّدة على أنّ هذا العالم غير المتناهي لا ينتهي إلى الحياة الإنسانيّة. أمّا حقيقة الألوهيّة فهي في الواقع حقيقة مجرّدة تجرّدًا حقيقيًّا فهذا يعني أنّ إدراكها مستحيل لأنّ كلّ ما يقع تحت التّصوّر إنّما هو حقيقة محدودة لا حقيقة غير متناهية ومحاط وليس بمحيط ويكون إدراك الإنسان فائقًا عليه ومحيطًا به. ومن المؤكّد كذلك أنّ التّصوّرات الإنسانيّة حادثة لا قديمة ولها وجود ذهنيّ لا وجود عينيّ وفضلاً عن هذا فإنّ تفاوت المراتب في حيّز الحدوث مانع للإدراك إذن فكيف يدرك الحادث الحقيقة القديمة؟ وكما قلنا إنّ تفاوت المراتب في حيّز الحدوث مانع للإدراك فالجماد والنّبات والحيوان لا خَبَرَ لها عن قوى الإنسان العقليّة الكاشفة لحقائق الأشياء ولكنّ الإنسان مطّلع على هذه المراتب جميعها فكلّ مرتبة عالية محيطة بالمرتبة الدّانية وكاشفة لحقيقتها ولكنّ المرتبة الدّانية لا خَبَرَ لها بالمرتبة العالية ومستحيل عليها الاطّلاع عليها.
لهذا فالإنسان لا يستطيع أن يتصوّر حقيقة الألوهيّة ولكنّه يعتقد بحقيقة حضرة الألوهيّة عن طريق القواعد العقليّة والنّظريّة والمنطقيّة والاستنتاجات الفكريّة والاكتشافات الوجدانيّة ويكشف الفيوضات الإلهيّة ويوقن بأنّ حقيقة الألوهيّة مهما كانت غير مرئيّة ومهما كان وجود الألوهيّة غير محسوس فإنّ هناك أدلّة قاطعة إلهيّة تحكم بوجود تلك الحقيقة غير المرئيّة. لكن تلك الحقيقة كما هي، مجهولة النّعت فمثلاً المادّة الأثيريّة موجودة ولكنّ حقيقتها مجهولة وهي محتومة بآثارها والحرارة والضوء والكهرباء هي تموّجاتها، ومن هذه التّموّجات يثبت وجود المادّة الأثيريّة. ونحن عندما ننظر إلى الفيوضات الإلهيّة نوقن بوجود الألوهيّة، فمثلاً نلاحظ أنّ وجود الكائنات عبارة عن تركيب العناصر الفرديّة وأنّ فناء الكائنات عبارة عن تحليل عناصرها لأنّ التّحليل سبب تفريق العناصر الفرديّة. إذن فنحن عندما ننظر إلى تركيب العناصر نشاهد أنّ كائنًا من الكائنات جاء للوجود من كلّ تركيب وأنّ الكائنات غير متناهية وأنّ المعلولات غير متناهية إذن فكيف تصبح العلّة فانية؟
إنّ التّركيب ينحصر في ثلاثة أقسام لا رابع لها: تركيب تصادفيّ وتركيب إلزاميّ وتركيب إراديّ. أمّا تركيب عناصر الكائنات فليس تركيبًا تصادفيًّا لأنّ المعلول لا يأتي للوجود بدون علّة، ثمّ إنّ تركيب عناصر الكائنات ليس تركيبًا إلزاميًّا لأنّ التّركيب الإلزاميّ هو ذاك التّركيب الّذي ينتج من اللّوازم الضّروريّة للأجزاء المركّبة واللّزوم الذّاتيّ لأيّ شيء لا ينفكّ عنه النّور الّذي يظهر الأشياء وكذلك الحرارة الّتي تمدّد العناصر وشعاع الشّمس هما من لوازم الشّمس الذّاتيّة. وعلى هذه الصّورة يكون تحليل كلّ تركيب مستحيلاً لأنّ اللّزوم الذّاتيّ لا ينفكّ عن كلّ كائن. والآن بقي النّوع الثّالث من التّركيب وهو التّركيب الإراديّ وهو أن تكون فيه قوّة غير مرئيّة يسمّونها القدرة القديمة هي السّبب في تركيب هذه العناصر ويحصل من كلّ تركيب كائن من الكائنات. وأمّا الإرادة والعلم والقدرة والصّفات القديمة الّتي نعتبرها من كمالات تلك الحقيقة اللاّهوتيّة هي من مقتضيات آثار وجوده في حيّز الشّهود وليست الكمالات الحقيقيّة للألوهيّة المطلقة الّتي لا يمكن إدراك كنهها. فمثلاً عندما نلاحظ في الكائنات كمالات غير متناهية وندرك أنّ الكائنات على شأن كبير من الانتظام والكمال نقول إنّ تلك القدرة القديمة الّتي نسب إليها وجود هذه الكائنات قوّة ليست جاهلة إذن فهي عالمة وهي لا شكّ غير عاجزة إذن فهي قديرة وهي لا شكّ غير فقيرة إذن فهي غنيّة وهي لا شكّ غير معدومة إذن فهي موجودة.
وخلاصة القول إنّ هذه النّعوت الّتي نحسبها لتلك الحقيقة الكلّيّة هي مجرد سلب النّقائص عنها لا ثبوت للكمالات الّتي يتصوّرها الإنسان في حيّز إدراكه ولهذا نقول إنّها مجهولة النّعت. والخلاصة أنّ تلك الحقيقة الكلّيّة مع جميع نعوتها وأوصافها الّتي نحصيها مقدّسة ومنزّهة عن العقول والإدراكات، ولكنّنا عندما ننظر في هذا الكون غير المتناهي نظرة شاملة دقيقة نلاحظ أنّ الحركة والمتحرّك أشياء مستحيلة بدون المحرّك وأنّ المعلول ممتنع ومحال بدون العلّة وأنّ كلّ كائن من الكائنات قد يكون تحت تأثير مؤثّرات عديدة متفاعلة بعضها مع بعض دائمًا، وتلك المؤثّرات حصلت كذلك بتأثير مؤثّرات أخرى فمثلاً النّبات حصل بفيض سحابة الرّبيع وتمّ إنباته ولكن السّحابة نفسها حصلت من تدابير مؤثّرات أخرى وتلك المؤثّرات كذلك من تأثير مؤثّرات أخرى فمثلاً النّباتات والحيوانات نشأت ونمت من عنصري النّار والماء اللّذين يسمّيهما فلاسفة هذه الأيّام باسمي الأوكسيجين والهيدروجين، أي أنّها وجدت من تربية وتأثير هذين المؤثّرين ونفس هذين العنصرين هما تحت تأثير مؤثّرات أخرى، وكذلك سائر الكائنات لها هذا التّسلسل من المؤثّرات والمتاثّرات. ومن الثّابت بالبراهين بطلان التّسلسل إذن فلا بدّ أن تنتهي هذه المؤثّرات والمتاثّرات إلى الحيّ القدير الّذي هو الغنيّ المطلق والمقدّس عن المؤثّرات. وتلك الحقيقة الكلّيّة غير محسوسة وغير مرئيّة ويجب أن تكون كذلك لأنّها محيطة لا محاطة. ومثل هذه الأوصاف صفات للمعلول لا للعلّة وعندما ندقّق النّظر نلاحظ أنّ الإنسان كالميكروب الصّغير الموجود في الفاكهة، فتلك الفاكهة وجدت من برعم والبرعم نبت من الشّجرة والشّجرة نشأت ونمت من مادّة سائلة وتلك المادّة السّائلة حصلت من التّراب والماء. ولكن كيف يستطيع هذا الجرثوم الصّغير أن يدرك حقائق ذلك البستان ويفهم البستانيّ ويدرك حقيقة ذلك البستانيّ ومن الواضح أنّ هذا مستحيل. ولكنّ ذلك الميكروب لو كان ذكيًّا لفهم أنّ هذا البستان وهذه الشّجرة وهذا البرعم وهذه الثّمرة لم تحصل بهذا الانتظام والكمال من نفسها لنفسها. وبمثل هذا يوقن الإنسان العاقل الذّكيّ أنّ هذا الكون الّذي لا نهاية له لم يحصل بهذه العظمة والانتظام من نفسه لنفسه، وكذلك وجدت القوى غير المرئيّة في حيّز الإمكان ومنها القوّة الأثيريّة وهي كما مرَّ ذكره غير محسوسة وغير مرئيّة ولكنّها ظاهرة ثابتة من آثارها أي من تموّجات ومن اهتزازات الضّوء والحرارة والكهرباء، وكذلك قوّة النّمو وقوّة الإحساس وقوّة العقل وقوّة التّفكير وقوّة الحفظ وقوّة التّخيّل وقوّة الكشف. فهذه القوى المعنويّة كلّها غير مرئيّة وغير محسوسة ولكنّها ظاهرة ثابتة بآثارها.
وأمّا القوّة غير المحدودة فإنّ نفس المحدود دليل على وجود غير المحدود لأنّ المحدود ولا شكّ يعرف بغير المحدود، كما أنّ نفس العجز دليل على وجود القدرة ونفس الجهل دليل على وجود العلم ونفس الفقر دليل على وجود الغنى فلو لم يكن الغنى لما كان الفقر أيضًا ولو لم يكن العلم لما كان الجهل ولو لم يكن النّور لما كانت الظّلمة فنفس الظّلمة دليل على النّور لأنّ الظّلمة هي عدم النّور. أمّا الطّبيعة فهي عبارة عن الخواص والرّوابط الضّروريّة المنبعثة من حقائق الأشياء وهذه الحقائق غير متناهيّة ومهما كانت في منتهى الاختلاف في ما بينها لكنّها في غاية الائتلاف وفي أقصى الارتباط من جهة أخرى. وعندما توسّع نظرتك وتلاحظ ملاحظة دقيقة توقن أنّ كلّ حقيقة هي من اللّوازم الضّروريّة لسائر الحقائق. إذًا فيستلزم هذا وجود جهة جامعة لارتباط هذه الحقائق المختلفة وائتلافها حتّى يوفي كلّ جزء من أجزاء الكائنات وظيفته بمنتهى الانتظام. فمثلاً لاحظوا الإنسان واستدلّوا من الجزء على الكلّ لاحظوا هذه الأعضاء والأجزاء المختلفة في الهيكل الإنسانيّ تروا ما أعظم ارتباطها وائتلافها بعضها ببعض وكلّ جزء هو من اللّوازم الضّروريّة لسائر الأجزاء وله وظيفة مستقلّة، ولكنّ الجهة الجامعة وهي العقل يربطها جميعًا ربطًا بدرجة تفي بوظائفها وفاءً منتظمًا ويحصل التّعاون والتّعاضد والتّفاعل بينها، وأنّ حركتها جميعًا تحت قوانين هي من اللّوازم الوجوديّة لها. فإذا حصل في تلك الجهة الجامعة الّتي هي مدبّرة لهذه الأجزاء خلل وفتور فلا شكّ أن تحرم الأعضاء والأجزاء من إيفاء وظائفها إيفاءً منتظمًا ومع أنّ تلك القوّة الجامعة في الهيكل الإنسانيّ غير محسوسة وغير منظورة وحقيقتها مجهولة ولكنّها من حيث الآثار ظاهرة باهرة بكلّ قوّة. إذن ثبت واتّضح أنّ هذه الكائنات غير المتناهية في العالم العظيم كلّ واحد منها يتوفّق في أداء وظيفته عندما يكون تحت إدارة حقيقيّة كلّيّة حتّى ينتظم هذا العالم. وخذ مثلاً التّفاعل والتّعاضد والتّعاون بين الأجزاء المكوّنة للوجود الإنسانيّ فإنّ هذا شيء مشهود لا يقبل النّكران لكنّ هذا التّفاعل والتّعاضد والتّعاون غير كافٍ بل يحتاج جهة جامعة تدير هذه الأجزاء وتدبّرها حتّى تقوم هذه الأجزاء المركّبة بإيفاء وظائفها اللاّزمة بالتّعاون والتّفاعل والتّعاضد إيفاءً منتظمًا. وأنتم ولله الحمد مطّلعون على أنّ بين جميع الكائنات تفاعلاً وتعاضدًا كلّيًّا وجزئيًّا ولكنّ التّفاعل بين الكائنات العظيمة واضح وضوح الشّمس ولو أنّ التّفاعل مجهول بين الكائنات الجزئيّة ولكنّ الجزء قياس للكلّ إذن فجميع هذه التّفاعلات مرتبطة بقوّة محيطة هي المحور والمركز والمحرّك لهذه التّفاعلات. وكما قلنا إنّ التّعاون والتّعاضد بين أجزاء الهيكل الإنسانيّ شيء ثابت وإنّ هذه الأعضاء والأجزاء تخدم جميع الأعضاء والأجزاء الأخرى فمثلاً اليد والقدم والعين والأذن والفكر والتّصوّر تساعد جميع الأعضاء والأجزاء لكنّ جميع هذه التّفاعلات ترتبط بقوّة واحدة غير مرئيّة محيطة بها تحصل هذه التّفاعلات بصورة منتظمة وتلك هي القوّة المعنويّة في الإنسان وهي عبارة عن الرّوح والعقل وهي غير مرئيّة. وكذلك لاحظوا المعامل والمصانع تروا تفاعل جميع الآلات والأدوات وارتباطها بعضها ببعض ولكنّ جميع هذه الرّوابط والتّفاعلات مرتبطة بقوّة عموميّة هي المحرّك والمحور والمصدر لهذه التّفاعلات وتلك القوّة هي قوّة البخار أو مهارة العامل. إذن اتضح وتحقّق أنّ التّفاعل والتّعاضد والارتباط بين الكائنات هو تحت إدارة وإرادة قويّة محرّكة واحدة هي المصدر والمحرّك والمحور للتّفاعل بين الكائنات وكذلك كلّ تركيب وترتيب لا نراه مرتّبًا ومنظّمًا نسمّيه تركيبًا تصادفيًّا ونسمي كلّ تركيب وترتيب منظّم ومرتّب وفي منتهى الكمال في الارتباط أي يقع كلّ جزء منه في موقع ضروريّ لسائر الأشياء نسمّيه تركيبًا تركّب وترتّب بإرادة وبشعور. ولا شكّ أنّ هذه الكائنات غير متناهية وأنّ تركيب هذه العناصر الفرديّة الّتي انحلّت في صور غير متناهية صدر عن حقيقة ليست فاقدة الشّعور ولا مسلوبة الإرادة. وهذا شيء ثابت وواضح لدى العقل وليس هناك مجال للإنكار ولكنّ مقصودنا هو أنّنا أدركنا تلك الحقيقة الكلّيّة عن طريق الصّفات ولكنّنا لم ندرك الحقيقة ذاتها ولا صفاتها الحقيقيّة ومع هذا نقول إنّ هذه الكائنات غير متناهية وهي روابط ضروريّة وإنّ هذا التّركيب التّام الكامل غير صادر عن مصدر فاقد للإرادة والشّعور وإنّ هذا التّركيب غير المتناهي الّذي انحلّ في صور غير متناهية مبنيّ على حكمة كلّيّة وهذه قضيّة غير قابلة للنّكران اللّهم إلا أنّ يقوم الإنسان على إنكار المعاني الواضحة الباهرة بالعناد واللّجاج ويكون مصداق الآية الكريمة “صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون”.
أمّا القول بأنّ القوى العقليّة والرّوح الإنسانيّ شيء واحد فإنّ القوى العقليّة من خصائص الرّوح مثل قوّة التّخيّل ومثل قوّة التّفكير ومثل القوّة المدركة فهي من خصائص الحقيقة الإنسانيّة كما أنّ شعاع الشّمس من خصائص الشّمس والهيكل الإنسانيّ بمثابة مرآة والرّوح بمثابة الشّمس والقوى العقليّة بمثابة الأشعّة الّتي هي فيض من فيوضات الشّمس ولربما تنقطع الأشعّة عن المرآة وتنفكّ عنها لكنّ أشعّة الشّمس لا تنفكّ عن الشّمس. والخلاصة هو أنّ العالم الإنسانيّ بالنّسبة لعالم النّبات كنسبة عالم ما وراء الطّبيعة إلى عالمنا وفي الحقيقة لا نسبة له بما وراء الطّبيعة ولكنّ حقيقة الإنسان وقوّة سمعه وبصره بالنّسبة للنّبات هي بمثابة ما وراء الطّبيعة ومن المستحيل على النّبات أن يدرك حقيقة الإنسان وماهيّة القوّة العاقلة وكذلك يستحيل على البشر إدراك حقيقة الألوهيّة وحقيقة نشأة الحياة بعد الموت. لكنّ فيوضات الحقيقة الرّحمانيّة تشمل جميع الكائنات ويجب على الإنسان أن يفكّر ويتأمّل في الفيوضات الإلهيّة الّتي منها الرّوح لا في حقيقة الألوهيّة فإنّ هذا منتهى إدراكات العالم الإنسانيّ وكما سبق أن ذكرنا أنّ هذه الأوصاف والكمالات الّتي نحصيها لحقيقة الألوهيّة إنّما نقتبسها من وجود الكائنات وشهودها لا أنَّنا أدركنا الحقيقة الإلهيّة. فإذا قلنا إنّ حقيقة الألوهيّة مدركة ومختارة فليس ذلك يعني أنّنا اكتشفنا إرادة الألوهيّة واختيارها بل اقتبسنا ذلك من فيوضات الألوهيّة الظّاهرة في حقائق الأشياء. أمّا مسائلنا الاجتماعيّة أي تعاليم حضرة بهاء الله الّتي انتشرت قبل 167 سنة فإنّها جامعة لجميع المبادئ ومن الواضح أنّ نجاح العالم الإنسانيّ وفلاحه مستحيل بدون هذه التّعاليم كلّ الاستحالة وكلّ فرقة من الفرق في العالم الإنسانيّ ترى نهاية آمالها موجودة في هذه التّعاليم السّماويّة وهذه التّعاليم بمثابة شجرة تحمل جميع الأثمار بصورة أكمل وأتمّ، فمثلاً يشاهد الفلاسفة المسائل الاجتماعيّة بصورة أكمل وأتمّ في هذه التّعاليم السّماويّة وكذلك يشاهدون فيها المسائل الفلسفيّة بصورة أسمى وأشرف وبصورة مطابقة للحقيقة، وكذلك يشاهد أهل الأديان حقيقة الدّين في هذه التّعاليم السّماويّة مشاهدة العيان وتثبت لهم بالأدلّة القاطعة والحجج الواضحة أنّها العلاج الحقيقيّ لعلل وأمراض الهيئة الاجتماعيّة في العالم الإنسانيّ وعند انتشار هذه التّعاليم العظيمة تنجو الهيئة الاجتماعيّة بأسرها من جميع الأخطار والعلل والأمراض المزمنة.
وكذلك مسألة الاقتصاد البهائيّ فهي منتهى آمال العمّال ومنتهى مقصود الأحزاب الاقتصاديّة والخلاصة أنّ جميع الأحزاب تنال نصيبها من تعاليم حضرة بهاء الله وعندما تعلن هذه التّعاليم في الكنائس والمساجد وسائر معابد الملل الأخرى حتّى البوذيّين والكونفوشيوسيّين ونوادي الأحزاب المختلفة حتّى المادّيّين ترى الكلّ يعترفون بأنّ هذه التّعاليم سبب الحياة الجديدة للعالم الإنسانيّ وهي العلاج الفوريّ لجميع أمراض الهيئة الاجتماعيّة ولا ينتقدها أيّ إنسان بل بمجرّد الاستماع إليها تطرب النّفوس وتذعن بأهميّة هذه التّعاليم وتقول: “هذا هو الحقّ وما بعد الحقّ إلاّ الضّلال المبين”.
وفي ختام الكلام أكتب إليكم الكلمات التّالية وهي الحجّة والبرهان القاطع على الجميع فأمعنوا النّظر فيها: إنّ قوّة إرادة كلّ ملك مستقلّ تنفذ في أيّام حياته وكذلك قوّة إرادة كلّ فيلسوف تؤثّر في أيّام حياته في نفر قليل من تلامذته أمّا قوّة الرّوح القدس الظّاهرة الباهرة في حقائق الأنبياء وقوّة إرادة الأنبياء هي على شأن من النّفوذ بحيث تراها نافذة الآف السّنين في ملّة عظيمة وتراها تؤسّس خلقًا جديدًا وتنقل العالم الإنسانيّ من عالم قديم إلى عالم آخر جديد فلاحظوا أيّة قوّة هذه القوّة الخارقة للعادة فإنّه برهان وافٍ على حقيقة الأنبياء وحجّة بالغة على قوّة الوحي. (مقتبس من خطابات حضرة عبد البهاء فى أوروبا وأمريكا)

 

 

سأل الملحد المؤمن بالله :في أي سنة وُجد ربك؟ 
قال المؤمن : الله موجود قبل التاريخ والأزمنة فلا أول لوجوده
 
ثمّ سأل المؤمن: ماذا قبل الأربعة
 
قال الملحد: ثلاثة
 
فرد الممؤمن: وماذا قبل الثلاثة
 
فقال الملحد: اثنان
 
فسأل المؤمن: وماذا قبل الاثنان
 
فرد الملحد: واحد
 
فسأل المؤمن: وماذا قبل الواحد؟
 
فأجاب الملحد: لا شيء قبله
 
فقال المؤمن: إذا كان الواحد الحسابي لا شيء قبله فكيف بالواحد الحقيقي وإنه قديم منذ الأزل ولا أول لوجوده
 
فقال الملحد: في أي مكان يوجد ربك؟
 
قال المؤمن: لو أحضرت مصباحاً في مكان مظلم فإلى أي جهة يتجه النور؟؟؟
 
قال الملحد يتجه النور ويوجد في كل مكان
 
قال المؤمن: إذا كان هذا النور الصناعي!! فما بالك وكيف بنور ربّك ربّ السموات والأرض!!
 
قال الملحد: عرّفنا شيئاً عن ذات ربّك؟
 
فقال المؤمن: هل جلست بجوار مريض مشرف على الموت وفي النزع الأخير؟
 
قال: جلست
 
قال المؤمن: هل كلمك بعدما أسكته الموت؟
 
قال: لا
 
قال المؤمن: هل كان قبل الموت يتكلم ويتحرك؟
 
قال: نعم
 
قال المؤمن: وما الذي غيّره؟
 
قال: خروج روحه
 
قال المؤمن: أ خرجت روحه؟
 
قال: نعم
 
فقال له المؤمن: صف لي هذه الروح-هل هى صلبه أم سائلة كالماء أم غازية كالدخان والبخار؟
 
قال: لا أعرف شيء عنها
 
فقال له المؤمن: إذا كانت الروح المخلوقة لا يمكنك الوصول إلى كنهها فكيف تريد مني أن أصف لك الذات الإلهية!!!!!!!!!!!!!!!
 

وهذا يعني بأن الكون وجميع المخلوقات وما فيه من قوى قد خلقها خالق متعال وهو فوق قدرة الإنسان والطبيعة . هذا الموجود المقدس المنزه الذي نسميه الله سبحانه وتعالى له السلطة المطلقة على مخلوقاته وهو (القدير) بالإضافة إلى العلم والمعرفة الكاملة والشاملة وهو (العليم) . وقد يكون لدينا مفاهيم مختلفة عن الله وطبيعته وقد نصلّي له بلغات مختلفة وندعوه بأسماء متنوعة مثل الله ، يهوه ، الرب أو براهما ولكننا في جميع الأحوال نتحدث عن نفس الوجود المقدس المنيع . 
تعظيما وتجليلا لله سبحانه وتعالى يقول حضرة بهاء الله :
” سبحانك اللهم يا إلهي أنت الذي لم تزل كنت في علو القدرة والقوة والجلال ولا تزال تكون في سمو الرفعة والعظمة والإجلال كل العرفاء متحير في آثار صنعك وكل البلغاء عاجز من إدراك مظاهر قدرتك واقتدارك كل ذي عرفان اعترف بالعجز عن البلوغ إلى ذروة عرفانك وكل ذي علم أقر بالتقصير عن عرفان كنه ذاتك(1-من كتاب “حديقة عرفان ” ص53).
أشار حضرة بهاء الله بأن الله عز وجل أعظم وأجل من أن يدركه أحد أو يتصوره العقل البشري المحدود أو يحدد بأي شكل من الأشكال :
” شهد الله لنفسه بوحدانية نفسه ولذاته بفردانية ذاته ونطق بلسانه في عرش بقائه وعلو كبريائه بأنه لا إله إلا هو لم يزل كان موحد ذاته بذاته وواصف نفسه بنفسه ومنعت كينونته بكينونته وأنه هو المقتدر العزيز الجميل وهو القاهر فوق عباده والقائم على خلقه وبيده الأمر والخلق يحيى بآياته ويميت بقهره لا يسئل عما يفعل وإنه كان على كل شئ قدير وإنه لهو القاهر الغالب الذي في قبضته ملكوت كل شئ وفي يمينه جبروت الأمر وإنه كان على كل شئ محيط له النصر والانتصار وله القوة والاقتدار وله العزة والاجتبار وإنه هو العزيز المقتدر المختار”.
:” إن سبيل الكل إلى ذات القدم مسدود وطريق الجميع مقطوع . محض الفضل والعناية اظهر الله مـن بين الناس شموسا مشرقة من أفق الاحدية واعتبر عرفان هذه النفوس المقدسة هو عرفان ذاته”. (بهاءالله)
 
“سبحانك اللّهم يا إلهي كيف أذكرك بعد الذي أيقنت بأن ألسن العارفين كلّت عن ذكرك وثنائك ومنعت طيور أفئدة المشتاقين عن الصّعود إلى سماء عزّك وعرفانك، لو أقول يا إلهي بأنك أنت عارف أشاهد بأن مظاهر العرفان قد خلقت بأمرك ولو أقول بأنك أنت حكيم أشاهد بأن مطالع الحكمة قد ذُوّتَت بإرادتك وإن قلت بأنك أنت الفرد، ألاحظ بأن حقايق التفريد قد بعثت بإنشائك وإن قلت إنك أنت العليم أشاهد بأن جواهر العلم قد حُقّقت بمشيئتك وظهرت بإبداعك فسبحانك سبحانك من أن تشير بذكر أو توصف بثناء أو بإشارة لأن كل ذلك لم يكن إلا وصف خلقك ونعت أمرك واختراعك، وكلّما يذكرك الذاكرون أو يعرج إلى هواء عرفانك العارفون يرجعُنّ إلى النقطة التي خضعت لسلطانك وسجدت لجمالك وذُوّتَت بحركة من قِبَلك…”( بهاء الله، “منتخباتي، آثار حضرت بهاء الله”، لانكنهاين، ألمانيا، لجنة نشر آثار امري، ١٩٨٤، ص١٠-١١.)
أكد حضرة بهاء الله بأن الله عزّ وجلّ منزّه عن إدراك كل مدرك، يعجز العقل البشري كل العجز عن أي تصوّر واضح لذاته أو وصف تلك الذات أو معرفة حقيقتها، إذ لا يعرف ذاته وكنه حقيقته إلا هو، فإجمالاً لا يعرف الله إلا الله:
 
“فسبحانك سبحانك من أن تذكر بذكر وتوصف بوصف أو تثنى بثناء، وكل ما أمرت به عبادك من بدايع ذكرك وجواهر ثنائك هذا من فضلك عليهم ليصعدنّ بذلك إلى مقر الذي خُلِقَ في كينونتهم من عرفان أنفسهم، وأنك لم تزل كنت مقدساً عن وصف ما دونك وذكر ما سواك، وتكون بمثل ما كنت في أزل الآزال، لا إله إلا أنت المتعالي المقتدر المقدس العليم…”( “منتخباتي” ص ١١.)
فالمشار إليه بالأسماء الحسنى ليس ذات الحقّ، فمهما أطلقنا على الله من أسماء وصفات وقلنا إنه القوي القدير أو الودود الرحيم أو العادل الكريم، فإن هذه الألفاظ ما هي إلا مشتقات أملتها علينا التجربة الإنسانية المحدودة لمعاني القوة والرحمة والعدالة والمحبة. والحقيقة إن معرفتنا لأي أمر من الأمور إنما هي معرفة محدودة وتقتصر فقط على مفهومنا الشخصي لصفات ومزايا تصوّرها لنا خبرتنا الضيقة وعقلنا المحدود.
 
“اعلم أن العرفان على قسمين: معرفة ذات الشيء ومعرفة صفاته، ومعرفة الذات تكون بمعرفة الصفات ليس إلا حيث إن الذات مجهولة غير معلومة، ولما كانت معرفة الأشياء بالصفات لا بالذات وهي مخلوقة محدودة، فكيف إذاً يمكن معرفة حقيقة الذات الإلهية وهي غير محدودة…
 
لهذا فمعرفة الله عبارة عن إدراك الصفات الإلهية وعرفانها لا إدراك الحقيقة الإلهية، ومعرفة الصفات أيضا ليست معرفة مطلقة، بل إنما تكون بقدر استطاعة الإنسان وقوّته، والحكمة عبارة عن إدراك حقائق الأشياء كما هي، أي على ما هي عليه، وذلك بقدر استطاعة الإنسان وقوته، لهذا فليس هناك سبيل للحقيقة الحادثة لإدراك كنه الذات، بل إنها فقط تدرك الصفات القديمة بقدر الطاقة البشرية، فغيب الذات الإلهية مقدس منزّه عن أن تدركه الموجودات، وكل ما يدخل تحت التصوّر إنما هو إدراكات إنسانية، فقوّة الإدراك الإنساني لا تحيط بحقيقة الذات الإلهية…”( “من مفاوضات عبد البهاء: محادثات على المائدة” من منشورات دار النشر البهائية في بلجيكا، ١٩٨٠، ص ١٦١-١٦٢.)
من هذا يتّضح أن معرفة الإنسان بالله إنما تعني العلم بصفات الله وسجاياه وحَسب ولا تعني المعرفة المباشرة لحقيقة الخالق أو الذات الإلهيّة. وهذا بحد ذاته يطرح التساؤل: كيف نتوصل إلى معرفة الصفات الربّانية؟ لقد كتب حضرة بهاء الله ما معناه أن كل ما في هذا الوجود هو من صُنع الله، وكل شيء بالتالي ينمّ أو يكشف عن مزيّة من صفات خالقه. ومثال ذلك أننا نستطيع أن نستشف قدرة الله وعظم صنعه حتى ولو تأمّلنا في الحجر أو البلّور وكيفية تكوينهما يزداد إدراكنا لعظمة الله وتظهر قدرته وصفاته المهيمنة كلّما دقّقنا النظر فيما صفا من المعادن وما أُبدع خلقه وصناعته. ولمّا كان ابتعاث الله رسولاً أو مظهراً إلهيّاً هو أسمى وأرفع أشكال الخَلْق فجميع الكمالات والفيوضات والتّجليات لذات الحقّ ظاهرة في حقيقة المظاهر الإلهية، فالأسماء والصّفات والمحامد والنّعوت التي نصف بها الخالق العظيم كلها راجعة إلى هذه المظاهر المقدّسة:
 
“إن ما في السماوات وما في الأرض مهابط لظهور الله وصفاته… وينطبق هذا على الإنسان بصورة خاصة، فقد اختصّه الله دون غيره من الموجودات فشرّفه وميّزه… وتجلّت في الإنسان صفات الله وأسماؤه على نحو أشرف وأكمل من غيره… وأكمل الناس وأفضلهم وألطفهم هم مظاهر شمس الحقيقة، لا بل كل ما سواهم موجودون بإرادتهم، ويحيون ويتحركون بفيضهم…”( “منتخباتي”، ص ١١٧-١١٨) (مترجم عن الفارسية)
على الرغم مما يكشف عنه الحجر وما يظهره الشجر من إبداع الخالق ودقة صنعه، فإن الكائن الواعي، أي الإنسان، وحده قادر على تصوير الصفات الإلهية وقولبتها في حياته وتصرّفاته. وبما أن المظاهر الإلهية هي بالفعل في حالة الكمال، فإن أقرب فهم كامل للمعاني العميقة لصفات الله يتجلّى في حياة البشر. فالله لا يحدّه جسد ولا تحوطه مادة، ولذا فنحن غير قادرين على رؤيته جهاراً أو مشاهدة ذاته أو شخصه. ومن ثم فإن إدراكنا القاصر ومعرفتنا المحدودة للمظاهر الإلهية هما في الحقيقة أقصى ما نستطيع الوصول إليه في محاولاتنا لعرفان الله:
 
“قل إن الغيب لم يكن له من هيكل ليظهر به إنّه لم يزل كان مقدّسا عمّا يُذكر ويُبصر… إن الغيب يُعرف بنفس الظهور، والظهور بكينونته لبُرهان الأعظم.”( “منتخباتي”، ص ٣٩.)
وفي قول آخر مشابه:
“ولمّا أن كانت أبواب عرفان ذات الأزل مسدودةً على وجه الممكنات لهذا باقتضاء رحمته الواسعة في قوله سبقت رحمته كل شيء ووسعت رحمتي كل شيء، قد أظهر بين الخلق جواهر قدس نُورانيّة، من عوالم الروح الروحاني على هياكل العزّ الإنساني، كي تحكي عن ذات الأزلية وساذج القدمية…”( “كتاب الإيقان”، من منشورات دار النشر البهائية في البرازيل، ١٩٩٧، ص ٨٢ مترجم عن الفارسية)

 

بحث في بعض دلائل إثبات وجود الله

 

ينتقد الملحدون الدليل القائل بأن كل موجود لابد له من صانع , ويردّون: إذاً من صنع الله عز وجل. لأنه يجب أن يكون هناك من أوجد الصانع نفسه.

لذا علينا أن لا نطرح مثل هذه الأدلة فلا نقول بأن كل موجود يجب أن يكون له صانع, حتى لا يردوا علينا بهذه العبارة أي: إذاً مادام الله موجوداً لذا فيجب أن يكون له صانعاً. بل يجب أن نقول لهم ونستدل بأن كل من هو ممكن الوجود يجب أن يكون له صانعاً.

“ممكن الوجود” يعني ذلك الشيء الذي يمكن أن يكون موجوداً أو غير موجود. أي وجوده وعدمه سواء. فهذا الشيء لابد له من صانع. لماذا له صانع؟ لأن وجوده وعدمه سواء ويجب أن يكون هناك سبباً يرجِّح وجوده وعدمه. مثلاً افترضوا أن وجود الماء هنا وعدمه سواء. فبإمكانه أن يكون موجوداً أو أن لا يكون. كما أنه لم يكن سابقاً والآن هو موجود. إذاً وجوده وعدمه سواء. وحينما يكون وجوده وعدمه سواء, فإذاً يجب أن يكون هناك سبب يرجِّح وجوده وعدمه, وذلك السبب هو , أنني مثلاً أحس في وقت ما بالعطش.

العالَم أيضاً هو ممكن الوجود. لماذا هو ممكن الوجود؟ لأن وجوده وعدمه سواء. لماذا وجوده وعدمه سواء؟ لأن كل شيء موجود الآن كان بإمكانه أن لا يكون. كما أنه في زمن ما لم يكن. فالماء لم يكن في العالم في زمنٍ ما. ولم يكن التراب في زمن آخر. ولم تكن الكرة الأرضية أيضاً. ولم تكن المنظومة الشمسية. فإذاً وجود وعدم كل هذه الأشياء سواء. ولذلك فإنه يجب أن يكون هناك سبب يقتضي وجود هذه الأشياء. فالسبب هو الذي يقرر لزومية وجود كل ذلك.

فحين يقولون لابد من وجود الصانع فإنهم يقصدون بأن الشيء الذي هو “ممكن الوجود” وبعبارة أخرى: أي وجوده وعدمه سواء. مادام موجوداً الآن فيجب أن يكون هناك سبب لوجوده ولا نقول ذلك لمن لا يكون وجوده وعدمه سواء. فمثلاً في حالة كل العالم من حيث المجموع لا نستطيع أن نقول بأن وجوده وعدمه في الزمن هو على السواء بل يجب أن يكون دائماً ولا يمكن أن لا يكون. لذا لا نقول بأن كان له صانع  في برهة من الزمان, بل كان موجوداً مع الصانع ولم يكن له (العالم) بداية من حيث الزمان.

وفي حالة الله بذاته المطلقة, لا نستطيع أن نقول بأن وجوده وعدم وجوده هما سواء. لأنه يجب أن يكون ولا يمكن أن لا يكون. وبذاته ليس له بداية. لذلك لا نستطيع أن نقول بأنه مادام كل شيء له صانع, إذاً يجب أن يكون لله صانع أيضاً. لأننا لا نقول بأن كل موجود له صانع بل نقول بأن كل “ممكن الوجود” أي كل من كان وجوده وعدمه سواء له صانع يقتضي وجود ذلك الشيء. و هذا لا ينطبق على الله. لأن الله بذاته وجوده وعدم وجوده ليس سواء. بل إن وجوده هو الأصل, حتى يكون السبب لوجود سائر الأشياء التي وجودها وعدمها سواء. وإذا قلنا بهذا فإن الشيء الذي وجوده وعدمه سواء, مادام الآن موجوداً إذاً لابد أن يكون هناك سبب يقرر وجوده. وهنا نرى بأنه لا يستدعي الذي يكون سبباً لوجود العالم يحتاج أن يكون لوجوده سبب أيضاً. وهكذا يزول التسلسل. (التسلسل هو القول بأن أي موجود لابد أن يكون هناك من أوجده, أي الصانع لابد أن يكون هناك ما صنعه,, وهكذا دون أن ينتهي التسلسل, فالتسلسل هنا يعتبر باطلاَ.)

لأننا إذا ادّعينا سبباً لوجود هذا السبب الأعظم (أي الله). فمن ثم لن يكون هناك سبب لوجود أي شي في العالم وكل شيء يكون موجوداً بدون سبب. ولذلك لا يقبل العقل هذا. لأن وجود العالم لو كان بدون سبب, فما هو العقل؟ واين الفكر؟ وعلى الإنسان لكي يجد سبباً لوجود الأشياء عليه أن يتحمل عبثاً معاناة كثيرة.

وهذا دليل في جواب من يقول ما هو السبب لوجود الله عز وجل. أي إنه يعتقد ويصدِّق بأن كل شيء يجب أن يكون له سبب لوجوده.  فحين يقول ما هو السبب لوجود الله يقبل بأن كل شيء يجب أن يكون له سبب لوجوده. فإذا قام هذا الشخص بأخذ الأمور إلى التسلسل ويقول ما هو سبب وجود الله ولا ينتهي هذا في مكان ما, (مثال البيضة والدجاجة, هذا المثال من المترجم وليس من الكاتب الأصلي للموضوع, فقط للتوضيح) يؤدي ذلك إلى أن لا يكون هناك سبب لوجود أي شيء. في حال أنه كان يعتقد بوجود سبب لكل شيء ولهذا كان يسأل ما هو سبب وجود الله.

                                           ص 38-41 من كتاب الألوهية والمظهرية

للعلامة الشهير الدكتور عليمراد داوودي

الموضوع الآخر عن دلائل اثبات الله من كتاب ملكوت الوجود للدكتور عليمراد داوودي (ص 68-69) وهو شرح للوح حضرة عبدالبهاء للدكتور اگوست فورل العالم السويسري.

وأما عن التسلسل ولماذا هو باطل. لأن عقلنا هو الذي يرفض التسلسل. العقل يقوم بالاستدلال ويبدأ الاستدلال من المقدمة ويصل إلى النتيجة. والنتيجة الحاصلة هي بذاتها تقع كمقدمه لنتيجة أخرى حتى تصل إلى مقدمة تُعتَبَر كأصل لأنه لو كان غير ذلك لن يكون هناك استدلال. فأنتم ترون نموذج كامل للإستدلال في الرياضيات : فنتيجة واحدة تأخذ نتيجتها من قضية أخرى. وهذه القضية تكون مقدمة ولكن تلك المقدمة هي نتيجة أُخِذَت من قضية أخرى. ومرة أخرى تكون القضية نتيجة قد أُخِذَت من قضية سابقة, حتى تصل إلى قضايا تُعتَبَر هي الأصل. وإذا لم نقبل تلك القضايا كأصل فمن البديهي أننا لن نتمكن من إقامة أي استدلال. ففي الواقع أن عقلنا حتماً يجب أن يبدأ من أصل وهذا الأصل عليه أن لا يحتاج إلى مقدمة أخرى.

حين تريدون دليلاً لإثبات وجود الله هذا يعني أنكم تقبلون التعقل والاستدلال, وشرط الاستدلال هو أن تقبل بأن تبدأ من نقطة تكون هي الأصل, لأنه لو أردت أن تثبت شيئاً ما فإنه لا يمكن إثبات أي شيء في أي زمن دون التوجه إلى هذا الأصل. ولهذا أنت دائماً تبدأ أي استدلال بأصل ما. وامتناع التسلسل هو بهذا المعنى. أي أن الاستدلال يستدعى ومن الضرورة البدء من أصل هو بذاته لا يُثبَت, بل يُقبَل كقضية بديهية.

 

أضف تعليق