تحرى الحقيقة وترك التقاليد الموروثة – تنزية الأنسان عن العلائق الدنيوية

–    تحري الحقيقة وترك التقاليد

من آثار حضرة بهاء الله

1- يا ابن الروح احب الاشياء عندي الانصاف لا ترغب عنه ان تكن إلي راغبا ولا تغفل منه لتكون لي امينا وانت توفق بذلك ان تشاهد الاشياء بعينك لا بعين العباد وتعرفها بمعرفتك لا بمعرفة أحد في البلاد فكر في ذلك كيف ينبغي ان تكون. ذلك من عطيتي عليك وعنايتي لك فاجعله أمام عينيك.

(الكلمات المكنونة )

2- الباب المذكور في بيان ان العباد لن يصلوا إلى شاطئ بحر العرفان الا بالانقطاع الصرف عن كل من في السموات والارض. قدسوا انفسكم يا اهل الارض لعلّ تصلنّ إلى المقام الذي قدّر الله لكم وتدخلنّ في سرادق جعله الله في سماء البيان مرفوعا. جوهر هذا الباب هو انه يجب على السالكين سبيل الايمان والطالبين كؤوس الايقان ان يطهّروا انفسهم ويقدسوها عن جميع الشؤونات العرضية، يعني ينزّهون السمع عن استماع الاقوال، والتغلب عن الظنونات المتعلقة بسبحات الجلال، والروح عن التعلق بالاسباب الدنيوية، والعين عن ملاحظة الكلمات الفانية ويسلكون في هذا السبيل متوكلين على الله ومتوسلين اليه، حتى يصبحن قابلين لتجليات اشراقات شموس العلم والعرفان الالهي ومحلا لظهورات فيوضات غيب لا يتناهى. لأن العبد لو أراد ان يجعل اقوال

العباد من عالم وجاهل واعمالهم وأفعالهم، ميزانا لمعرفة الحق وأوليائه فإنه لن يدخل أبدا رضوان معرفة رب العزة ولن يفوز بعيون علم سلطان الأحدية وحكمته ولن يرد منزل البقاء ولن يذوق كأس القرب والرضا.

(كتاب الايقان، ص 3-4)

3- عندما يصل الانسان إلى مرحلة البلوغ، عليه أن يتفحص متوكلا على الله مقدسا عن الحب والبغص ويفكر فيما يتمسك به العباد ويسمع ويرى بسمعه وبصره. ولو نظر بعيون الاخرين سيحرم من مشاهدة تجليات انوار نير العرفان الالهي. ان الاحزاب المختلفة الموجودة في العالم ترى انها محقة بقوله تعالى “كل حزب بما لديهم فرحون”.

(بيام ملكوت، ص 11- 12)

4-     قدّس ونظّف بصرك حتى ترى تجليات الانوار اللانهاية من جميع الجهات، ونزّه سمعك من لوث التقليد حتى تسمع نغمات عندليب الوحدة والتوحيد من افنان السدرة الباقية… ومن قيود التقاليد اذهب إلى روضة قدس التجريد وفردوس عز التوحيد.

(المصدر السابق، ص 12)

5- ولكن يا أخي ان الشخص المجاهد الذي أراد ان يخطو بقدم الطلب والسلوك، في سبيل معرفة سلطان القدم، يجب عليه في بداية الامر ان يجعل القلب الذي هو محل ظهور تجلي الاسرار الغيبية الإلهية مطهّرا ومنزّها عن كل غبرة مظلمة من غبار العلوم الاكتسابية واشارات المظاهر الشيطانية ويجعل الصدر الذي هو سرير ورود وجلوس محبة المحبوب الازلي، لطيفا نظيفا وكذلك يقدس القلب عن كل ما يتعلق بالماء والطين. يعني ان يجعله مقدسا عن جميع النقوش الشبحية والصور الظلية بدرجة لا يبقى في القلب آثار للحب والبغض، كي لا يميل به الحب عن جهة او يمنعه البغض عن جهة بلا دليل… ويجب على السالك في كل حين ان يتوكل على الحق وان يعرض عن الخلق وينقطع عن عالم التراب

ويتمسك برب الأرباب ولا يرجح نفسه على أحد ويمحو عن لوح قلبه الافتخار والاستكبار ويأخذ نفسه بالصبر والاصطبار.

(كتاب الايقان، ص 153-154)

من الواح حضرة عبد البهاء

1- الاساس الاول هو تحرّي الحقيقة، فلقد تشبث جميع الاقوام بتقاليد العوام، ولذلك اختلف بعضهم عن بعض اختلافا شديدا، وما زالوا في نزاع وجدال غير ان ظهور الحقيقة يكشف هذه الظلمات ويؤسس وحدة الاعتقاد ذلك لأن الحقيقة واحدة لا تقبل التعدد.

(خطب عبد البهاء في اوربا وامريكا، ص 80)

2- أول مبدأ من مبادئ حضرة بهاء الله تحري الحقيقة، ومعنى ذلك أنه ينبغي أن ينزه الناس نفوسهم ويقدسوها عن تلك التقاليد التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، فللموسويين تقاليدهم، وللزرادشتيين تقاليدهم، وللمسيحيين تقاليدهم وللبوذيين تقاليدهم، ولكل ملة تقاليدها، وكل ملة تحسب ان تقاليدها هي الحق وأن تقاليد الآخرين باطلة، فالموسويون مثلا يتصورون أن تقاليدهم هي الحق وتقاليد الآخرين باطلة، ونحن نريد ان نعرف أيها هو الصحيح، والواقع أن جميع التقاليد ليست صحيحة، فلو أننا تمسكنا بتقليد معين لمنعنا ذلك عن التدقيق في تحري تقاليد الآخرين، فاليهودي المؤمن والمتمسك بتقاليد الموسويين لا يمكنه قط أن يدرك ان الآخرين على حق، إذن فلا بد من التخلي عن التقاليد، ولا بد من تحري الحقيقة عسى أن يكون الحق مع الآخرين. وعلى ذلك فإنه ما لم نترك ونهجر التقاليد فإن الحقيقة لا تبدو ولا تتجلى. فعبدة الأوثان مثلا يقولون إن الأوثان حق، وما لم يتركوا هذه التقاليد فلن يتمكنوا من

أن يفوزوا بالهداية ولن يدركوا وحدانية الله وعند تحري الحقيقة يتوجب على الانسان أن يتخلى عن التقاليد، فعلى جميع الملل إذا أن تهجر التقاليد، ثم تتحرى الحقيقة. وبهذا لا بد أن تظهر الحقيقة.

ولو افترضنا أن هناك خمسة أشخاص، وأن كل واحد من هؤلاء الخمسة يدعي أنه أعلم من الآخر فلا بد من وضعهم موضع الامتحان. وما لم نترك التعصب فكيف نستطيع أن نظهر الحقيقة؟ فالمجوسي يقول أنا على حق، واليهودي يقول أنا على حق، والمسيحي يقول أنا على حق، والبوذي يقول أنا على حق. فكيف يمكن أن يظهر الحق؟ إذن فلا بد أن يترك الموسوي التعصب، ويترك المسيحي التعصب، ويترك البوذي التعصب، وما لم يتم هذا فلا يمكن للحق أن يظهر. إن غاية طالب العلم العاقل الكامل هي تحصيل العلم بغض النظر عن الذي بينه له، والنور محبوبة في أي زجاج أضاء، والورد مطلوبة في أية أرض نبت، والنير الأعظم يهب الفيض الإلهي من أي مشرق طلع. ولا يجوز أن يتعصب، بل ينبغي أن يكون عاشقا للشمس سواء طلعت من المشرق الموسوي أم المحمدي أم العيسوي. فالشمس هي الشمس. وعلى هذا فالحقيقة يجب أن تكون هدف الإنسان بغض الطرف عمن سمعها منه. هذه هي مسألة تحري الحقيقة. فما هي نتيجة هذا البحث؟

نتيجته أن على جميع ملل العالم أن تتخلى عن كل ما سمعت من قبل، وألا تتمسك بملة ما أو تنفر من غيرها من الملل. فلعل الملة التي نفرت منها على حق، ولعل تلك التي تمسكت بها على باطل، فإذا ما تخلت عما سمعت ولم تتمسك بملة معينة ولم تنفر من غيرها عندئذ يبدأ تحري الحقيقة وسوف تلاحظ في النهاية أن حقيقة الأديان الإلهية واحدة، وأن الاختلاف منحصر في التقاليد، وهكذا يكون تحري الحقيقة سببا في اتفاق جميع البشر.

(خطب عبد البهاء في اوربا وامريكا، ص 157-160)

3- التعليم الثاني لحضرة بهاء الله هو تحرّي الحقيقة لأن الملل والأديان المختلفة لو تحرّت الحقيقة فإنها تتحد. ولقد روّج حضرة موسى الحقيقة وكذا حضرة

المسيح وحضرة ابراهيم وحضرة الرسول وحضرة الباب وحضرة بهاء الله كلهم أسسوا الحقيقة وروجوها.

(المصدر السابق، ص 242)

4- فأول تعاليم حضرة بهاء الله هو تحري الحقيقة. فيجب أن يتحرى الإنسان الحقيقة وان يترك التقاليد لأن كل ملة من ملل العالم لها تقاليدها، والتقاليد مختلفة، واختلافها سبب الحروب وما دامت هذه التقاليد باقية فإن وحدة العالم الإنساني مستحيلة، إذن يجب تحري الحقيقة حتى تزول هذه الظلمات بنور الحقيقة. لأن الحقيقة واحدة لا تقبل التعدد والانقسام. وما دامت لا تقبل التعدد والانقسام فإن جميع الملل لو تتحرى الحقيقة فإنها لا شك تتحد وتتفق. وعندما قامت جماعة في إيران بتحري الحقيقة اتحدت واتفقت في نهاية الأمر، والآن تعيش هذه الجماعة في منتهى الألفة والمحبة في ما بينها وليست هناك أبدا بين أفرادها رائحة الاختلاف، لاحظوا أن اليهود كانوا ينتظرون ظهور السيد المسيح وكانوا يتمنون ظهوره ليفدوه بأرواحهم وقلوبهم، ولكنهم لما كانوا غرقى التقاليد لم يؤمنوا به عند ظهوره وأخيرا قاموا بصلبه فيتضح من هذا أنهم اتبعوا التقاليد لأنهم لو تحروا الحقيقة لآمنوا بحضرة المسيح. فهذه التقاليد جعلت العالم الإنساني ظلمانيا وهذه التقاليد صارت سبب الحروب وهذه التقاليد صارت سبب العداوة والبغضاء إاذن يجب ان نتحرى الحقيقة حتى ننجو من جميع المشاق وتتنور بصائرنا ونصل إلى سبيل الملكوت الالهي.

(المصدر السابق، ص 323 – 324)

5- إن الأديان الموجودة حاليا أسيرة التقاليد وقد ولت حقيقة الأديان وحلت محلها تقاليد لا تتعلق بأساس الأديان الإلهية، فالأديان جاءت من أجل نورانية البشر ومن أجل النوع الإنساني ومن أجل الألفة بين القلوب ومن أجل ظهور وحدة العالم الإنساني ولكنهم مع ألف أسف جعلوا الأديان سبب النزاع وصار يجادل

بعضهم بعضا ويسفك بعضهم دم البعض الآخر ويهدم بعضهم بيوت البعض الآخر لأنهم أسرى التقاليد.

    فمثلا إذا سألت شخصا يهوديا لماذا أنت يهودي؟ لأجابك قائلا: بما أن والدي كان يهوديا فإنني أنا يهودي. وآخر مسيحيا لأجابك لأن والده مسيحي وثالث مسلما لأن والده كان مسلما. وأية ملة سألتها أجابتك بهذا الجواب ولذا فعندما تفحصون تجدون الجميع أسرى التقاليد وليس بينهم من يتحرى الحقيقة لأنه لو تحرى الجميع الحقيقة فإنهم يتحدون، لأن الحقيقة واحدة لا تقبل التعدد وهي أساس جميع الأديان وحيث أن هذا الجمع مجرد عن التقاليد ومتحرر من هذه القيود ويتحرى الحقيقة لذا فإنني مسرور جدا.

أضف تعليق