البهائية و السياسة من النصوص البهائية

عدم التدخل في السياسة

مقتطفات من بعض توقيعات حضرة ولي أمر الله و بيت العدل الأعظم

جمعها د/ بيتر خان

س4: ما هي أفضل السبل التي يمكن أن يسلكها البهائى للعمل ؟

ورد في أحد بيانات بيت العدل الأعظم ما يلي:

“… إن أفضل وسيلة يمكن للبهائيين من خلالها خدمة مصالح أوطانهم والخدمة من اجل النجاة الحقيقية للعالم ,هي أن يضحوا باهتماماتهم وانتماءاتهم السياسية وان ينصروا النظام الإلهي لحضرة بهاء الله بكامل كيانهم وقلوبهم.

كما تفضل حضرة ولي أمر الله أيضاً في هذا الشأن بما يلي:

“…يجب على البهائيين أن يوجهوا كل طاقاتهم وقدراتهم نحو بناء الأمر المبارك وإدارته. فإنهم لا يستطيعون تغيير العالم ولا مساعدته بأي وسيلة أخرى في الوقت الراهن.

وإذا تورطوا في تلك القضايا التي تختلف وتختصم حولها حكومات العالم سيضلوا  طريقهم،

 ولكنهم إذا عملوا على بناء النموذج البهائي سيستطيعوا أن يقدموه كعلاج لمشاكل العالم حين يثبت فشل سائر النماذج”.

 كما تفضل حضرته:

“…علينا أن نبني النظام البهائي وأن نترك تلك الأنظمة الخاطئة الموجودة بالعالم تمضي في طريقها,

 فنحن لا نستطيع أن نغير تلك الأنظمة من خلال اختلاطنا بها, ولكن على عكس ذلك فإنها سوف تدمرنا”

س10: هل مطلوب من الشخص البهائي محاربة كل شر ظاهر في العالم ؟

يتفضل بيت العدل الأعظم في هذا الشأن بما يلي:

“بالنسبة للشخص البهائي فإن الدخول فى سباق وهمي لهدم الشرور الموجودة بالعالم واحداً تلو الأخر, يعد مضيعة للوقت والجهد.

فإن حياة كل شخص بهائي يجب أن تكون مكرسة لإعلان رسالة حضرة بهاء الله وإحياء الحياة الروحية لإخوانه في البشرية ليوحدهم فى النظام العالمي الإلهي…”

س11: كيف سيحل النظم البديع كل هذه المشاكل الكثيرة ؟

لقد كتب بيت العدل الأعظم عن الفرد البهائي ما يلي:

“…كلما ينمو النظم البديع بقوة ونفوذ سيتجلى أمام الفرد البهائي قوة هذه الرسالة وقدرتها على تغيير العالم الإنساني وحل مشاكله وإزالة مظاهر الظلم التي سيطرت على العالم لأزمنة طويلة.”

8- الرفاهية الإجتماعية و الحركات الإجتماعية التقدمية

س1: هل يجب على البهائيين المشاركة في أعمال خيرية لخدمة المجتمع ؟

كتب حضرة ولي أمر الله إلى أحد الأفراد من خلال سكرتيره ما يلي:

” يشعر حضرة ولي أمر الله أنه برغم أن رغبتكم في مشاركة الملايين العديدة من البشر في المخاطر و التعاسات المبتلون بها مشاركة فعالة هو أمر طبيعي و إحساس طيب، إلا أنه لا يوجد مقارنة بين قيمة العمل الأمري وأي شكل آخر من أشكال خدمة الإنسانية.

“إذا إستطاع البهائيون تقييم أعمالهم على الوجه الصحيح لتبين لهم أن العمل الذي يؤدونه هو وضع أساس روحاني جديد في العالم قائم على كلمة الله، ويعمل وفقاً للأحكام التي أنزلها الله لهذا العصر، بينما أشكال الإغاثة الأخرى غاية ما تفعله هو تخفيف أمراض وآلام الناس لفترة قصيرة. لا يوجد من يقوم بهذا العمل غير أولئك الذين إستوعبوا رسالة حضرة بهاء الله إستيعاباً كاملاً، في حين غالباً ما ينضم إلى أعمال الإغاثة كل جسور مخلص…إلخ.

“المؤمنون يبنون ملجاء للعالم .هذا هو واجبهم السامي المقدس و يجب أن يكرسوا كل دقيقة يستطيعون تكريسها لهذا العمل.”

كما أعلن بيت العدل الأعظم:

“إن حب رفاقنا والتألم لآلامهم هو جزء أساسي من الحياة البهائية الحقة ولذلك يجب علينا دائما القيام بما في وسعنا لمساعدتهم. ومن المهم جداً أن نفعل ذلك كلما أتيحت الفرصة ،حيث يجب أن تتفق أعمالنا مع أقوالنا ولكن هذا التعاطف تجاه رفاقنا يجب أن لا يحول طاقاتنا نحو قنوات مصيرها الفشل في النهاية والتسبب في إهمالنا العمل الأساسي الأكثر أهمية. هناك مئات الألوف من الناس المحبين للبشرية والذين يكرسون حياتهم للأعمال الخيرية ولكن القليل جدا يعملوا على تحقيق إرادة الله وهي الإحياء الروحي وتجديد العالم الإنساني”.

س2: هل من اللائق أن يشترك البهائي في حركات اجتماعية تقدمية؟

نقلا عن ولي أمر الله كتب بيت العدل الأعظم:

” تماما مثلما يمتنع الأحباء عن الانتساب لأي حزب سياسي يجب عليهم أيضا أن لا ينساقوا للنقيض الآخر وهو الامتناع عن الاشتراك في مجموعات تقدمية وأي مؤتمرات أو لجان منظمة بهدف الترويج  لنشاط ما يتفق مع التعاليم البهائية – على سبيل المثال: من أجل نبذ التعصبات العرقية”.

س3: هل توجد حركات اجتماعية لا يجب علينا الانضمام إليها؟

تفضل حضرة ولي أمر الله :

“بالاستيعاب الكامل لبيانات حضرة عبد البهاء المتكررة حول الوحدة ،فالبهائيون في جميع أنحاء العالم مستعدون بل متلهفون للاشتراك بالقول و العمل في أي رابطة إنسانية يرون بعد الفحص الدقيق أنها خالية من أي صبغة سياسية أو حزبية وأنها مكرسة لصالح الجنس البشري بأسره.”

س4:ما هو هدفنا الأساسي  من المشاركة في الحركات الاجتماعية الحديثة ؟

أشار حضرة ولي أمر الله إلى أنه:

“من اللازم حقاً أن يتصل الأحباء بالحركات الاجتماعية الحديثة،ولكن يجب أن يكون هدفهم الأساسي هو جذب مزيد من الناس إلى روح و تعاليم الأمر.عليهم أن يتعلموا من خبرة الآخرين و لكن لا يسمحوا لأنفسهم بالانجراف في تيارهم وينتهي بهم الأمر إلى الانغماس في حركات أخرى تنسيهم أمر الله.”

س5: كيف نستعمل هذا الإتصال لترويج أوسع للأمر ؟

يتفضل حضرة ولي أمر الله:

“ينبغي علينا أن نرحب و ننتهز أي فرصة مهما كانت بسيطة لتوسيع المعرفة بالأمر و توضيح رؤيته المتحررة و استقلاله و نزاهته و ذلك دون توريط أنفسنا بالقول أو الفعل في برامج أو سياسة لا تتفق وروح الأمر.”

عدم ارتباط الدين البهائي بالشئون السياسية

 بالنسبة إلى عدم ارتباط الدين البهائي بالشئون السياسية…… يمكن للأحباء أن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات دون أن يكونوا مرتبطين بحزب معين. أما انضمام الأحباء إلى الأحزاب السياسية فإن ذلك بالتأكيد مضرّ بالمصالح الأمرية. ويبقى الأمر متروكا للأفراد في كيفية الاستفادة من هذا الحق شريطة الابتعاد عن الأحزاب السياسية. ويجب الأخذ بعين الاعتبار بأن التصويت في الانتخابات هو حق أُعطي للأفراد وليس بسبب انتمائهم إلى حزب معين. يجب توضيح هذا الأمر بشكل جليّ للفرد البهائي الذي يرغب في الإدلاء بصوته، وإن رغب أحد الأفراد في الانضمام لعضوية أحد الأحزاب وحاول حزب هذا الشخص السيطرة والتفوق على حزب آخر واستمر هذا الشخص على هذا الوضع رغم تحذير المحفل الروحاني له عندئذ يمكن للمحفل الروحاني أن يحرمه من الانتخابات البهائية.

(من رسالة كتبت بالنيابة عن حضرته إلى المحفل الروحاني المركزي للبهائيين في الولايات المتحدة وكندا بتاريخ 16 آذار/مارس 1933م)

   المبدأ الرئيسي –كما تعلم- هو عدم مشاركة الأحباء في أية انتخابات سياسية إلا إذا كانوا واثقين بأن الإدلاء بأصواتهم لهذا المرشّح أو ذاك كان بحرّية تامة دون الارتباط بأي حزب سياسي أو منظمة ودون التعبير عن أي برنامج سياسي. إن القضية كلها هو في كيفية تعريف الإنسان نفسه في الانتخابات وليس في عملية التصويت نفسها. يرى حضرة ولي أمر الله بأن تطبيق هذا المبدأ هو أمر متروك للأفراد الذين لهم الخيار الوجداني في طرح قضاياهم الخاصة التي هم في شك منها إلى محافلهم الروحانية من أجل الدراسة والهداية.                                                              (من رسالة كتبت بالنيابة عن حضرة شوقي أفندي إلى أحد الأحباء بتاريخ 28 كانون الأول (ديسمبر) عام 1936)

إطاعة الحكومة وعدم تعاطي السياسة

من آثار حضرة بهاء الله

1-   ليس لأحد أن يعترض على الذين يحكمون على العباد دعوا لهم ما عندهم وتوجهوا إلى القلوب.

(الكتاب الأقدس، فقرة 95)

2- على الأحباء أن يطيعوا الحكومة وينقادوا لها بموجب النصوص الإلهية.

(أمر وخلق، ج3، ص 270)

3- بعد معرفة الحق جلّ جلاله هناك أمران لازمان هما إطاعة الدولة وخدمتها ثم التمسك بالحكمة وهذان الأمران هما سبب ارتفاع ورقي الوجود.

(أمر وخلق، ج3، ص 270)

4- لا يجوز لأي شخص أن يرتكب ما يخالف رأي رؤساء الدولة.

(أمر وخلق، ج3، ص 270)

5- البشارة الخامسة أن هذا الحزب إذا أقام في بلاد أي دولة يجب عليه أن يسلك مع تلك الدولة بالأمانة والصدق والصفاء هذا ما نزل من لدن آمر قديم.

(مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله، ص 39)

من ألواح حضرة عبد البهاء

1-   على الأحباء أن لا يتدخلوا في الأمور السياسية، لأن الأحباء لا علاقة لهم بالسياسة بل عليهم أن ينشغلوا بالخدمة وأن يتقربوا إلى الله ويعملوا على إرضائه ويكونوا سببًا في راحة وسرور وفرح العالم الإنساني. وإذا أراد شخص ما أن يتحدث عند الأحباء عن أمور الحكومة والدولة بأن فلانا قال هذا وفلانا عمل هذا وذاك، على البهائي أن يرد عليه بأننا ليس لنا علاقة بهذه الامور.

                  (گنجينه حدود وأحكام، ص 335)

2- النص القاطع بأن يكون الأحباء خيّرين وصادقين ومطيعين للحكومة ولا مجال لأي شخص أن يؤوّل أو يجتهد أو يضع قيودًا في ذلك، هذا مقام المقربين.

(أمر وخلق، ج3، ص 270)

3- أينما وُجدتم عليكم إطاعة حكومة تلك الدولة.

(أمر وخلق، ج3، ص 274)

4- يجب أن تكونوا صادقين وأمناء وخيّرين في أي دولة وُجدتم، كما أشار حضرة بهاء الله،   وأن تعاملوا شعب ذلك الأقليم بكل أمانة وصدق وإخلاص.

 (فضائل أخلاق، ص 62)

5- إذا رأيتم شخصًا يتحدّث في الأمور السياسية اعلموا بأنه ليس بهائيا هذا هو الميزان، لأن أساس الأمر البهائي هو الألفة بين جميع الملل والأديان، أما الحديث السياسي فهو سبب التفرقة والتضاد والتعصب.

(أمر وخلق، ج3، ص278)

6- خامسا: منع العامة مما يسبّب الفتنة والفساد وعدم المداخلة في الأمور السياسية كلية وعدم الحديث في هذا الخصوص ولو بشق الشفة، والحث في جميع الأحوال على السكون والمحبة والصداقة مع الجميع.

(گنجينه حدود وأحكام ص 337)

من تواقيع حضرة ولي أمر الله

1- على أهل البهاء الطاعة والانقياد للدولة وإثبات صداقتهم وحسن نيتهم لأولياء الأمور.

(توقيعات مباركة، ص122، ج2، 1927-1939)

2- إطاعة أولياء الأمور تعتبر من الفروض الحتمية لأهل البهاء ومن واجباتهم المقدسة ولكن في الأمور الوجدانية التي لها علاقة بعقيدة الفرد فإن أهل البهاء والمتمسكين بالشريعة المقدسة السمحة يرجحون الشهادة على الإخلال بواجباتهم الفردية.

(توقيعات مباركة، ص 30

السياسة الإلهية

 من كتاب-النظام العالمي لحضرة بهاءالله

(يجب على أهل البهاء أن ينأوا بأنفسهم -في أعمالهم وأقوالهم- عن أهداف دولتهم السياسية ويبتعدوا عن البرامج والخطط الحزبية) ويتجنبوا الإنخراط في التكتلات السياسية وأن لا يقوموا بإنتقاد أي طرف من أطراف ذلك النوع من الصراعات وأن لا ينحازوا لجهة ولا يروجوا مشروعاً حزبياً معيناً، كما أن عليهم {أن لا يحشروا أنفسهم ضمن أي تنظيم تتناقض برامجه وأيديولوجياته مع مصالح الوحدة العالمية والتي كانت وستبقى الهدف الغائي والرئيس للدين البهائي}. (حذار حذار أن يقعوا ضحية مكر وخداع بعض أبناء وطنهم أو يصيروا أداة في يد السياسيين الماكرين). ينبغي لأفعالهم وأقوالهم وحياتهم أن تكون منظمة ومرتبة على نحوٍ لا يتيح لأحد حتى مجرد محاولة تلفيق التهم الباطلة لهم كأن يدعي بأنهم يقومون بنشاطٍ سري أو منشغلون بالتزوير والرشوة والإرهاب. ينبغي أن يتحرروا من المنازعات التي لا طائل من وراءها ومن الحسابات غير الشريفة وأن يتساموا بأنفسهم أيضاً عن الأغراض النفسية والهواجس الشيطانية الخبيثة التي بدلت وجه عالمنا المتغير هذا. (يجب أن يفرقوا تماماً بين المشاغل السياسية والدبلوماسية وبين مهامهم الإدارية ولو ساورهم أدنى شك في إحتمال الخلط بينهما فليسألوا أعضاء المحفل الروحاني ويستفسروا عن الموضوع)، كما أن عليهم أن لا يقبلوا أي عمل من شأنه أن يفضي في المستقبل إلى فعاليات سياسية ونشاطات حزبية في أي بلد). وفي النهاية فإن عليهم أن يسلكوا في سبيل حضرة بهاءالله بمنتهى الإستقامة والمتانة بدون أي تكاهل أو تقاعس وأن يبتعدوا عن التربص والتآمر اللذين هما شغل السياسيين الشاغل ليكونوا لائقين لأن يصبحوا أدوات تنفيذ السياسة الإلهية والمجسدين للمشيئة الإلهية في أنظار البشر.

لا ينبغي لكل ما ذكر آنفاً أن يولد لدينا هذا الإعتقاد بأن البهائيين غير مكترثين بمصالح دولتهم أو غير مطيعين لأوامر حكوماتهم أو أنهم يمتنعون عن أداء وظيفتهم المقدسة المتمثلة في الترويج الكلي لمصالح دولتهم وشعبهم. بل أن المقصود هو أنه ينبغي للأتباع الحقيقيين والأوفياء لحضرة بهاءالله أثناء سعيهم الصادق المتحمس الوطني الدؤوب لخدمة مصالح دولهم العليا أن يعطوها صورة تتطابق مع المعايير السامية لأصالة وكمال الأمر وتنسجم مع جوهر التعاليم البهائية.

كما أن هناك نقطة أخرى علينا التنبه إليها وهي أنه عندما تتزايد جموع البهائيين في المستقبل ويتوطد نفوذ الأمر كقوة إجتماعية أكثر فأكثر فإن أهل البهاء سيجدون أنفسهم فجأة وقد وقعوا تحت ضغطٍ شديدٍ من جانب أولي الأمر ومتنفذي عالم السياسة الذين قد يتقربون منهم على أمل طلب مساعدتهم في تحقيق أغراضهم السياسية ومآربهم الخاصة. وفي نفس الوقت فإن الجامعات البهائية هي في أمس الحاجة لحسن ظن دولها بها ومساعدتها الفعالة لها في تحقيق مقاصدها المتمثلة في تقوية وتوسيع هيكل مؤسساتها الأمرية.

لذا وفي ظل وضعية كهذه ينبغي للبهائيين توخي الحذر لئلا يضعوا دينهم عن غفلةٍ منهم -وهم في غمرة شوقهم لتطوير أهداف أمرهم العزيز- على طبق المساومة أو يضحوا بإصالة معتقداتهم الروحانية السامية في سبيل المنافع المدنية التي ستجنيها المؤسسات البهائية. يجب أن يعلنوا للجميع أنه مهما بلغ رقي تشكيلاتهم ومهما كانت رغبتهم قوية في تنفيذ الأحكام وترويج مباديء حضرة بهاءالله فإنهم في النهاية يعتبرون أن إجراء تلك الأحكام وترويج **هاتيك** المبادئ إنما هو معتمد ومنوط على مدى توافقها وتواؤمها مع قوانين الدول المعنية التي يتبعونها. بعبارةٍ أخرى فإن جهدهم في إكمال وإتمام أمور تشكيلات ديانتهم ليس مرتكزاً على محاولتهم بأن يتجاوزوا -بشكلٍ من الأشكال- قوانين دولتهم فضلاً عن أن يعتبروا تشكيلاتهم أرفع من تشكيلات بلدهم المتبوع.

كما لا ينبغي أن يغيب عن بالنا {أن توسعة الفعاليات وتنوع الجامعات البهائية -المرؤوسة من قبل حكومات مختلفة منشغلة بالخدمات بموازين مختلفة ونهج سياسي متباين- ليقتضي بأن لا يتصرف الأحباء -والذين هم أعضاء في تلك الجامعات- على نحوٍ يثير شكوك جامعةٍ أخرى في بلدٍ آخر فيتسبب ذلك في إثارة عداوة ذلك البلد ضد الأمر البهائي أو يخلق لإخوانهم في الدين مشاكل ومضايقات هم في غنىً عنها}، وإلا فكيف يمكن حفظ وحدة الأمر الإلهي؟ وكيف يمكن جعل هذا الأمر الإلهي المترامي الأطراف -والذي هو أوسع مدى وأبعد من كل الحدود السياسية والإجتماعية، ويضم بين جنباته الأجناس والأقوام المختلفة ومضطرون لتقدمه أن نعتمد أكثر فأكثر على حسن ظن الحكومات بنا وحمايتها لنا- قادراً على حفظ مصالحه، وضمان التوسعة المستمرة والفعالة لمؤسساته وتشكيلاته؟

إن إتباع نهجٍ كهذا ليس مبنياً على رغبة أهل البهاء في أن يصبحوا “ابن الوقت”أو أن يأخذوا في الحسبان منافعهم الآنية الفورية، بل أنه مبني -أكثر من أي شيءٍ آخر- على مبدأ الحذر من الإشتراك -أفرداً كانوا أم جماعات- في أمورٍ يمكن لها أن تحيد بهم -ولو قيد أنملة- عن أهداف وحقائق ومعتقدات دينهم الحنيف. فلا إفتراءات الجهلة والحساد ولا حب العزة والجاه والثروة بقادرة أن تجبرهم على إلقاء الأمانة الموكولة إليهم عن كواهلهم أو أن تميل بهم عن الطريق التي إختطوها لأنفسهم. ويجب على أعمالهم وأقوالهم أن تكون خير شاهد على أن أتباع حضرة بهاءالله في أي بلدٍ كانوا ليسوا بطلاب سلطة أو أنانيين أو يسعون خلف الجاه والنفوذ كما أنهم ليسوا ممن ينتابهم القلق من الإنتقاد وسوء الظن الذي سينالهم من قبل دولهم نتيجة تمسكهم بموازينهم الوجدانية ومعاييرهم الأخلاقية.

(لا شك أن مهمتنا في هذا المجال معقدة ودقيقة لكن القدرة الحارسة والهداية الربانية لحضرة بهاءالله هي خير مرشد لنا يعيننا على السلوك في صراطه المستقيم والتمسك الكامل بحبل حدوده وأحكامه، ولو أننا جعلنا الثبات نبراسنا والإستقامة منهاجنا لأضاءت أنوار عنايته -والتي لا تطفئها أي قوة في العالم- الطريق لنا ولأنجتنا من المصائد والمكائد التي هي من ملامح هذا العصر ولجعلتنا قادرين على أداء وظائفنا الحيوية والحساسة بشكل مرضٍ لعتبته السامية ولائق للإنتساب لإسمه الأفخم).

21 مارس 1932م

لماذا لا نتدخل فى الشئون السياسية ؟

عن محاضرة للدكتور داودي

ترجمة وتنقيح اللجنة المركزية لنشر النفحات الإلهية

الأردن

رضوان 144 ب – نسيان 1987

أطلق أحد الأحباء على مبدأ “عدم التدخل فى الشئون السياسية”  إسم (الحجاب) أو (التعويذة) التى تحفظ الأحباء وتصون الأمر المبارك. الواقع أنه كان محقا فى تسميته هذه لأن هذا المبدأ هو الذى يحفظ الجامعة البهائية من الداخل والخارج.

معنــى السياســة

للسياسة –  فى العرف واللغة – عدة معان، منها معنيان عامان هما:

  1. الثواب والعفاب – ولهذا السبب تدعى مجموعة الحدود الشرعية فى الإسلام بـ (باب السياسات).

  2. التدبيــر، الإدارة وتصريف الشئون:

فالتدبير أمرلازم لأى عمل نضمن سيره فى الطريق السليم بحيث تنطبق أصول الفكر على التنفيذ العملي، مع الأخذ بعين الاعتبار أحوال البيئة والأوضاع السائدة لضمان النتيجة المرجوة. فكون الفكرة صحيحة ومعقولة لا يكفى لنجاح تطبيقها. وقد يكون هناك ارتباط دقيق بين مقدمة الفكرة نظريا ونتائجها عمليا وعندما نبدأ بتنفيذها نفشل لأن هناك مقدمات عملية يجب اجراؤها قبل تطبيق الفكرة. فإذا غابت عنا ولم نعرفها ونفهمها ونراعيها وضعنا أنفسنا فى الطريق غير الصحيح وكان الفشل حليفنا. ومفهوم السياسة عند أهل البهاء فى هذا المقام هو (الحكمة) وعندما نقول أن هذا الأمر مخالف للحكمة نعنى لا تدبير فيه أى أنه ناجح نظريا وغير مضمون فى نتائجه الإيجابية عند التطبيق. والسياسة هنا بهذا المعنى ليست موضوع بحثنا. فنحن عندما نقول عدم التدخل فى الأمور السياسية لا نعنى الحكمة لأن كل عمل تلزمه الحكمة والتدبير، فالأب يجب أن يكون سياسياً حكيماً فى إدارة شئون بيته وعائلته ولا يكفى أن يكون قصده وهدفه نبيلين فى تربية أولاده بل عليه أن يخطط للوصول إلى هذا الهدف بكل حكمة. إن تبليغ أمر الله (له سياسته) والأفضل استبدالها باصطلاحنا (له حكمته)، فإذا كانت أفكارنا لسير عملية التبليغ غاية فى القوة والمتانة فإننا سوف نضل طريقنا إذا بعدنا عن الحكمة.

  1. بقى لنا قول فى معنى السياسة وهو ما ورد فى اليونانية باسم (بوليتيك) بمعناها الخاص وهو موضوع بحثنا هذا.

(البوليتيك) وهو المعنى الخاص للسياسة المرتبط بـ (تدبير أمور الدولة) و (إدارة شئونها) وهى بنفس معنى الحكمة عمليا ولكن أهل العلم فى إيران اطلقوا عليها اسم (سياسة المدن)  ليفرقوا بينها وبين السياسة بمعناها العام، أى سياسة كل الأعمال والأحوال والأفعال كما أسلفنا. إن سياسة المدن أى إدارة أمور الدولة وشئونها المرتبطة بالنمو والتطور للوصول إلى الهدف المطلوب وجب على أهل البهاء الإبتعاد وعدم التدخل بها بشكل مباشر أو غير مباشر طبقاً لتعاليم مولانا المحبوب حضرة عبد البهاء وحضرة ولى أمر الله وساحة بيت العدل الأعظم.

لمـاذا يدخـل هـذا المـبدأ ضمن عقيـدة الفــرد البهـائي؟

إن أساس التعاليم البهائية تهدف إلى العناية بالنواحى الروحانية والأخلاقية والوجدانية لبنى البشر، فما ظهر الأمر الإلهى إلا لترقى الروح وتهذيب الأخلاق ورفع المعنويات وتقوية الملكة الوجدانية عند الفرد حتى يتم إصلاح العالم وبناؤه على أساس سليم فيه سعادة ورفاهية جميع الشعوب. وعلى هذا الأساس وضعت الأحكام والمبادئ والأصول فى الشريعة البهائية. لأن العالم لا يمكنه الوصول الى السمو والرفاهية إلا بالأخلاق الفاضلة ورفع شؤونها وتهذيب الأخلاق وإحياء الضمير والوجدان وأى طريق آخر إما أن يكون مؤقتاً أو خاطئا أو غير آمن.

إننا كبهائيين واثقون بأن الانسان إذا لم يتربّ التربية الروحانية الدقيقة أو لم يُصقل وجدانه ويُنمـى ولم يتوجه إلى بروحه وقلبه، فإن أية محاولة للوصول إلى السعادة الدنيوية ستكون مؤقتة كالدواء المسكـّن – ان لم تكن مضرة – لأنها ناقصة وسطحية.

نحن لا نستطيع أن نبنى مجتمعاً سليماً قوى الأركان يتمتع أفراده بالرفاهية إذا كانت أخلاقهم فاسدة ووجدانهم هش متزلزل. فغاية هدفنا الوصول الى النواحى الروحانية والأخلاقية والوجدانية لجميع البشر ورفعها للمستوى الإنسانى المطلوب.

لهذا كله فإن التقوى هى زاد المؤمن والركن الركين لحياة الفرد البهائى الذى يحرص، قبل كل شئ، على أن يكون مستقيما مؤمنا بالله محبا له وفى قلبه خشيته وأن يحافظ على ذلك دوماً.

إن التقوى هى الأصل وحتى يحافظ الفرد البهائى عليه فانه يبتعد بالكلية عن أى عامل يخالف التقى ويتمسك بكل ما من شأنه تقريبه منها ويتشبث به. ولئن أصبح العالم بهائيا أو أكثر أفراده أو حتى غالبية أفراد دولة معينة وكانوا بعيدين عن التقوى، نكون ليس كمن لم يعمل شيئا، بل كمن عاد بالعالم إلى الوراء وسرنا فى الطريق المعاكس لهدفنا.

قيل فى السابق “تنتهى التقوى حيث تبدأ السياسة” وإذا كان الأمر كذلك فلا مفر من الابتعاد عن السياسة حتى نحافظ على التقوى ونرعاها.

ويُروى أن بعض الناس كانوا يؤاخذون أمير المؤمنين على بن أبى طالب (رضى الله عنه) بأنه ليس أهلاً للسياسة وباصطلاح ذاك الزمان ليست لديه الحيلة والدهاء والذكاء لدرجة يعجز عن احراز النصر على أعدائه ودحر خصومه وهذا من مستلزمات السياسة. سمع أمير المؤمنين ما قاله الناس فأجاب: (لولى التقى لكنت أدهى العرب) يعنى لو لم تكن التقوى لكنت أكثر العرب سياسة ليس لأنى لا أعرفها أو عاجز عن ذلك بل أريد المحافظة على التقوى حتى أكون عادلاً متدينا. فالموضوع اذن ليس محصورا بنا بل عام فى كل دين وكلما أراد أصحاب الديانات التأكيد على التقوى قالوا بأن طريق السياسة والإبداع فيها مخالف لها.

كيف تخـالف السيـاسة التقـوي؟

إن الأمر فى غاية البساطة، فإن أردنا الانتصار فى ميدان السياسة فيجب أن نتسابق مع خصمنا وعدونا ولا يمكن الدخول فى هذا الميدان دون وجود خصم، وحتى نضمن النصر يجب أن نلجأ إلي: الخداع والحيلة، الضرب والشتم، الكذب واعطاء الوعود، التحريض ثم الصراخ والغوغاء، وإذا لم نسلك ذلك الطريق سلكه خصمنا وانتصر علينا. فأين التقوى فى هذا الخِضَـمّ وأين الوجدان والروحانية. فإن سلكنا، والعياذ بالله، هذا الطريق الأوعر السقيم فلن يبقى لنا من البهائية شئ.

ومثال آخر سنضربه لكم. إن الشعار الذى يرفعه السياسيون ويهتفون به هو “الغاية تبــرر الوسيلة” أى أن الوسائل بجميع أنواعها مهما بلغت من المستوى يجب أن تسـخّر للوصول إلى الهدف. وكل سياسة مضطرة أن تختار هذا الشعار وإلا خسرت امام خصمها، وأية سياسة يمكن أن تتقبل الخسارة إذا حكّمت الخُـلق والضمير إلا فى حالة مثالية كحالة سيدنا على بن أبى طالب الذى عرف الخسارة وقبلها راضياً حتى يكون مثالاً للبـشر. أما الفرد العادى فلا يمكن أن يقبل على نفسه الخسارة إن هو سلك سبيل السياسة. وعندما ينتهج جميع الوسائل مهما كانت ويصل لهدفه يكن إنساناً بعيداً عن الروحانية والتقوى وسيعيش فى ضياع، الأمر الذى يجعل انتصاره مؤقتاً فيخسر ما حصل عليه. إذن نحن لا نقبل بأصل السياسة القائل “الغاية تبرر الوسيلة” وحتى لو كان هدف البهائى نبيلاً فى إعطائه الرشوة فى سبيل خدمة الأمر الإلهى فإنه قد أضاع نبل مقصده بالوسيلة الفاسدة المفسدة التى استخدمها، عندها لن يبقى له شئ من الأمر البهائى ليخدمه.

ومجمل القول، فإن أساس الأمر عندنا التقوى وهى هدفنا وغايتنا ولكونها تتعارض مع الأمور السياسية فإن الفرد البهائى يبتعد عن السياسة بالكلية تاركاً إياها لأهلها.

الأحـزاب السـياسية

من المعروف أن التنظيم السياسى ليس فردياً بل جماعياً، ويضم مجموعة من الأفراد تحت نظام واحد وأهداف سياسية موحدة يعملون لأجلها بإخلاص وبشتى الوسائل، فالأحزاب والتحزبات من لزوم السياسة. فإذا انزلق أهل البهاء فى مجرى السياسة وجب عليهم الانضمام الى حزب من الأحزاب دون الآخر وقبول لوائحه ونظمه وعقائده التى تكون بعيدة عن العقائد الدينية فى كثير من الحالات، فكيف سيقبل الفرد البهائى بهذا التناقض ولمن سيعطى إخلاصه وولاءه؟ فلا يمكنه الجمع بين الاثنين. وهنا يكمن حكمة تعاليم حضرة بهاء الله إلى الأفراد الذين يضطرون الى انتهاج السياسة بأن عليهم إعلان تخليهم عن ديانتهم البهائية أولاً.

إن عدم تدخل البهائيين فى السياسة وعدم انخراطهم فى الأحزاب السياسية لا يعنى رفضهم للتعاليم الخاصة بإدارة العالم وخدمة المملكة وهداية الأمم، ولا يعنى أن الديانة البهائية ديانة معزولة عن مصالح الدولة وأفرادها، فالبهائية لها نظمها الإجتماعية والاقتصادية والدنيوية وتتمسك بالحياة الآخرة، ولها جميعها أصول وفروع وترى أن طريقها للوصول إلى هذه الأهداف يتعارض مع طريق السياسة وأسلوبها. فالسياسة لا تؤمن بوحدة الجنس البشرى وهو أساس تعاليمنا البهائية، مع أننا نلاحظ عبر التاريخ بروز أشخاص فكروا بوحدة العالم الانسانى وحقوق الانسان، ولكنهم أضاعوا الهدف بسلوكهم سلك السياسة والتنافر والحرص على الانتصار مهما كانت الوسائل، فاختلفت السياسة عن الهدف وبعدت عنه فحققوا مكاسب سياسية ولكنهم خسروا هدفهم الأول. فالدين البهائى هدفه تأليف القلوب وتهذيب الأخلاق والعمل من أجل جميع العالم والشعوب والتركيز على الوحدة والائتلاف فيما بينهم وفى هذا السبيل ولتحقيق هذا الهدف الإلهى وجب علينا اختيار الوسائل المؤدية الى سعادة الجنس البشرى بغاية الدقة حتى نشيد قصر الرفاهية البشرية بالمتانة والاستحكام اللازمين لبقائه اذا نحن أحسنا الاختيار.

وهنا يبرر سؤال طرحه الأحباء مرارا: ما هو مصير الأمور السياسية فى العالم والتى لا مناص منها؟ وما هو تكليفنا؟

وجاء الرد من المرجع الأعلى ساحة بيت العدل الأعظم مذكراً إيـانا ببيان حضرة ولى أمر الله المستند على تعاليم القلم الأعلى مبيناً لها على النحو التالي: إن فى العالم حركتان – حركة باطنية ذاتية جوهرية يتحرك بها العالم بنفسه بشكل لا إرادي، وأخرى إرادية تبليغية يقوم بها أحباء الله لخدمة العالم الإنساني، بمعنى أن هناك حركة طبيعية قهرية تقتضيها الروابط الضرورية المنبعثة من حقائق الأشياء ويسير العالم فى مجراها بواسطة القوى المكنونة فيه نحو البلوغ وهذا ما يؤمن به أهل البهاء. وحركة أخرى إرادية للجامعة البهائية لتنفيذ تعاليم حضرة بهاء الله وإيصال العالم إلى الهدف المنشود “وحدة العالم الإنساني” ومن الجدير بالذكر أن الأمور السياسية تدخل فى مجرى سيرالعالم نحو البلوغ، وحرصا على تحقيق هدف  “وحدة العالم الإنساني” فإن البهائيين لا يدخلون عنصر السياسة فى نشاطاتهم التبليغية لأنهم يسعون إلى تقريب القلوب والأرواح ونشر التعاليم عن طريق تطبيق المبادئ البهائية، ولأن حياتهم كأفراد مكرسة لخدمة المجتمع وإذا خسروا أنفسهم كأفراد لا يستطيعون الوصول إلى هدفهم هذا، لهذا وجب عليهم الابتعاد كليا عن السياسة حتى يحفظوا أنفسهم من الآفات الخلقية وكل ما يتعارض مع التقوي، هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية فإن عدم التدخل فى الأمور قد خدم الجامعة البهائية منذ 140 عاما حيث واجهوا تهماً وافتراءات باشتراكهم بنشاطات سياسية فلو انخرطوا حقيقة فى هذا التيار لما كنت تجد لهم أى أثر فى الوقت الحاضر أو كنت تراهم فرقاً وأخزابا صغيرة مشتتة لا يمتون للدين البهائى بأية صلة، ولكنهم ابتعدوا بالكلية مطيعين أمر مولاهم فتمتعوا باستقلالية دينهم وبروز أنظمتهم وأهدافهم ومبادئهم الروحانية والأخلاقية المميزة. فالمطلب بعدم التدخل فى الأمورالسياسية والحزبية أمر مشروع وصحيح قولاً وعملاً وهو سبب حفظ الجامعة البهائية فى العالم والتى تنمو يوما بعد يوم. فلو دققنا النظر لوجدنا أن أغلب أفراد البهائيين مثقفين ومن السهل انضمامهم إلى الأحزاب والفرق القائمة وهذا يعنى قيامهم بنشاطات متضاربة ستؤدى إلى إفنائهم، ولو كان هذا ما حصل لا سمح الله لما كان بالإمكان تشكيل 130 محفلا روحانياً مركزياً و 000 80 مركز أمرى فى أنحاء المعمورة،  بل انشغلوا بعملهم السياسى وفضلوه على هدفهم الدينى الأصلي.

إن الذين يخالفون الرأى (ولا نقول عنهم أعداء، لأننا لا نعتبر أى فرد عدواً لنا) بعضهم يتهمنا باطلاً بالنشاط السياسى والبعض الآخر يجد فى مبدأ عدم التدخل نقطة ضعف تكمن فيها اللامواطنة واللامسئولية. فنقول للفئة الأولي، لم يحصل المفترون حتى الآن على أى سند أو وثيقة تثبت صحة ما يدّعون. فلو جاء ذكر أسماء بعض البهائيين الذين زلت أقدامهم فى هذا السبيل فقد تجاهلوا أن هؤلاء وأمثالهم تم فصلهم من الجامعة البهائية بقصد حماية الآخرين. أضف إلى ذلك، فإن السلطات فى إيران لم تجد من الأوراق والملفات الموجودة فى حظائر القدس ما يدل على تدخل أهل البهاء فى الأمور السياسية. وإذا سئلنا لماذا لا نعمل فى السياسة نقول: أننا مسؤولون عن الألفة والاتحاد بين القلوب، نسعى لتهذيب الأخلاق وتحريك الضمائر، فنحن نتولى هذا العمل الخيّر الذى تركه الجميع والتعدوا عنه السياسة لغيرنا. وأحياناً يُسأل الشاب البهائي: هل يستطيع الانسان أن لا يفكر بمستقبل وطنه ولا يهتم بما يحصل لأمته. فنقول: لسنا بعيدين عن مستقبل الوطن ونتمسك بما هو فى صالحه مثل تعليم الأطفال، وهذا من الأمور المهمة، ثم الاشتراك فى دعم الإقتصاد الوطنى بشكل صحيح يخدم منها تنفيذا لتعليمات حضرة ولى أمر الله الذى تفضل: على كل فرد من الأحباء دفع ما يستحق عليه من ضرائب للدولة وإذا تهرّب من ذلك بشتى الوسائل فلا يُعـدّ بهائيا لأن دفع الضريبة أمر وجدانى والتهرب منه يُعـد حراماً.

وعلى الرغم من أن البهائية ديانة صلح وسلام فهذا لا يمنع البهائى من تأدية (خدمة العلم) وبموجبها يتدرب على حمل السلاح واستعماله فى الحرب فما دام ذلك قانون الدولة فعلى البهائى إطاعته ويحذّر حضرة ولى أمر الله أحباءه من عدم تأدية هذا الواجب إذا كان قانوناً ملزماً بحجة أن البهائية تمنع الحروب وحمل السلاح.

ويتفضل ساحة بيت العدل الأعظم: “لا يمكن للبهائيين، بسبب عدم تدخلهم فى الأمور السياسية، أن ينسوا أو يتناسوا مصالح بلادهم ووطنهم أو أن يكونوا عديمى المنفعة، فخدمة الوطن لا تنحصر فى السياسة فقط ..” إن آلاف البهائيين الإيرانيين يعدون سفراء لبلدهم ولمصلحته وتعريفه، فالعالم يتعرف على إيران من خلالهم. فأهل إيران يحبون أرضهم لأنها موطنهم والبهائيون يحبون أهل إيران لأنها مهد ظهور حضرة بهاء الله ولأن ترابها امتزج بدماء الشهداء ودم حضرة الأعلى فهم يقدسون هذه الأرض ويطوفون حولها تقديساً وتعظيماً. والبهائيون المنتشرون فى عدة أقطار فى العالم يقصدون أرض إيران لزيارة شيراز لقدسيتها فى قلوبهم وتبريز حيث استشهد على ترابها النقطة الأولى فإذا منعتهم الدولة من هذه الزيارة المحببة إلى قلوبهم، وهى أمل كل فرد منهم، أطاعوا واستجابوا بالرضى والقبول. أفبعد هذا كله يقولون أن البهائى بعيد عن مصالح وطنه ولا يهمه أمره؟

بقى أمر آخر يوقعون الشباب البهائى فى شباكه عندما يسألوهم: هل يمكن تحقيق العدالة وتثبيتها دون الإشتغال بالسياسة؟ فكيف نحتجب عما هو مصدر العدالة؟

إن العدالة فى باطنها تكمن فى خدمة العالم الإنسانى وخدمة مصالحه وفى تحقيق السلام له ونبذ التعصبات وإصلاح الضمائر والمناداة بوحدة الجنس البشرى فهذا هو عين العدالة. أما فى الظاهر فيقتضى الوصول الوصول إلى المناصب والمراكز، ولو على أكتاف الآخري، وهذا ما يرفضه البهائيون.

 إننا كبهائيين نسعى لتحقيق أهدافنا بالطرق السلمية مهما طال الزمن دون اللجوء إلى الطرق الملتوية لاختصار الوقت، ونبتعد عن السياسة وندعوا لأحبائنا فى كل مكان أن يحفظهم الله من هذا الخطر المُهلك حتى يكونوا فى الحفظ والصون.

واللــــه أبهــي

ترجمة وتنقيح

اللجنة المركزية لنشر النفحات الإلهية

الأردن

رضوا 144 ب

نيسان 1987

أضف تعليق